على ظهره وقرئ جدد بالضم جمع جديدة بمعنى الجدة وجدد بفتحتين وهو الطريق الواضح «بيض وحمر مختلف ألوانها» بالشدة والضعف «وغرابيب سود» عطف على بيض أو على جدد كأنه قيل ومن الجبال مخطط ذو جدد ومنها ما هو على لون واحد غرابيب وهو تأكيد لمضمر يفسره ما بعده فإن الغربيب تأكيد للأسود كالفاقع للأصفر والقانى للأحمر ومن حق التأكيد أن يتبع المؤكد ونظيره في الصفة قول النابغة والمؤمن العائذات الطير يمسحها وفي مثله مزيد تأكيد لما فيه من التكرار باعتبار الإضمار والإظهار «ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه» أي ومنهم بعض مختلف ألوانه أو وبعضهم مختلف ألوانه على ما مر في قوله تعالى ومن الناس من يقول آمنا بالله وإيراد الجملتين اسميتين مع مشاركتهما لما قبلهما من الجملة الفعلية في الاستشهاد بمضمونهما على تباين الناس في الأحوال الباطنة لما أن اختلاف الجبال والناس والدواب والانعام فيما ذكر من الألوان أمر مستمر فعبر عنه بما يدل على الاستمرار وأما إخراج الثمرات المختلفة فحيث كان امرا حادثا عبر عنه بما يدل على الحدوث ثم لما كان فيه نوع خفاء علق به الرؤية بطريق الاستفهام التقريري المنبئ عن الحمل عليها والترغيب فيها بخلاف أحوال الجبال والناس وغيرهما فإنها مشاهدة غنية عن التأمل فلذلك جردت عن التعليق بالرؤية فتدبر وقوله تعالى «كذلك» مصدر تشبيهى لقوله تعالى مختلف أي صفة لمصدره المؤكد تقديره مختلف اختلافا كائنا كذلك أي كاختلاف الثمار والجبال وقرئ ألوانا وقرئ والدواب بالتخفيف مبالغة في الهرب من التقاء الساكنين وقوله تعالى «إنما يخشى الله من عباده العلماء» تكملة لقوله تعالى إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب بتعيين من يخشاه عز وجل من الناس بعد بيان اختلاف طبقاتهم وتباين مراتبهم اما في الأوصاف المعنوية فبطريق التمثيل واما في الأوصاف الصورية فبطريق التصريح توفيه لكل واحدة منهما حقها اللائق بها من البيان أي إنما يخشاه تعالى بالغيب العالمون به عز وجل وبما يليق به من صفاته الجليلة وافعاله الجميلة لما أن مدار الخشية معرفة المخشى والعلم بشئونه فمن كان أعلم به تعالى كان أخشى منه عز وجل كما قال صلى الله عليه وسلم أنا أخشاكم لله وأتقاكم له ولذلك عقب بذكر أفعاله الدالة على كمال قدرته وحيث كان الكفرة بمعزل من هذه المعرفة امتنع إنذارهم بالكلية وتقديم المفعول لأن المقصود حصر الفاعلية ولو أخر انعكس الأمر وقرئ برفع الاسم الجليلة ونصب العلماء على أن الخشية مستعارة للتعظيم فإن المعظم يكون مهيبا «إن الله عزيز غفور» تعليل لوجوب الخشية لدلالته على أنه معاقب للمصر على طغيانه غفور للتائب عن عصيانه «إن الذين يتلون كتاب الله» أي يداومون على قراءته أو متابعة ما فيه حتى
(١٥١)