وأما * (تلقون إليهم بالمودة) * فمعناه: تلقون إليهم النصيحة بالمودة.
وقال النحاس: معناه تخبرونهم بما يخبر به الرجل أهل مودته.
وقال السهيلي: ضمن * (تلقون) * معنى " ترمون "، من الرمي بالشئ، يقال:
ألقى زيد إلى بكذا، أي رمى به; وفى الآية إنما هو إلقاء بكتاب أو برسالة، فعبر عنه بالمودة، لأنه من أفعال أهل المودة، فلهذا جئ بالباء.
وأما قوله: * (كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا) *، فليست زائدة، وإلا للحق الفعل قبلها علامة التأنيث، لأنه للنفس، وهو مما يغلب تأنيثه.
وجوز في الفعل وجهان: أحدهما أن تكون " كان " مقدرة بعد " كفى " ويكون " بنفسك " صفة له قائمة مقامه.
والثاني: أنه مضمر يفسره المنصوب بعده، أعني " حسيبا "، كقولك: نعم رجلا زيد.
* * * وتجئ للتعدية، وهي القائمة مقام الهمزة في إيصال الفعل اللازم إلى المفعول به، نحو:
* (ولو شاء الله لذهب بسمعهم) *، أي أذهب.
كما قال: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) *.
ولهذا لا يجمع بينهما، فهما متعاقبتان; وأما قوله تعالى * (أسرى بعبده) *، فقيل " أسرى " و " سرى " بمعنى، كسقى وأسقى، والهمزة ليست للتعدية، وإنما المعدى الباء في " بعبده ".
وزعم ابن عطية أن مفعول " أسرى " محذوف، وأن التعدية بالهمزة، أي أسرى الليلة بعبده.