ومذهب الجمهور أنها بمعنى الهمزة، لا تقتضي مشاركة الفاعل للمفعول.
وذهب المبرد والسهيلي أنها تقتضي مصاحبة الفاعل للمفعول في الفعل بخلاف الهمزة.
ورد بقوله تعالى: * (ذهب الله بنورهم) *، * (ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم) *، ألا ترى أن الله لا يذهب مع سمعهم، فالمعنى: لأذهب سمعهم.
وقال الصفار: وهذا لا يلزم، لأنه يحتمل أن يكون فاعل " ذهب " البرق، ويحتمل أن يكون الله تعالى، ويكون الذهاب على صفة تليق به سبحانه، كما قال:
* (وجاء ربك) *.
قال: وإنما الذي يبطل مذهبه قول الشاعر:
ديار التي كانت ونحن على منى * تحل بنا لولا نجاء الركائب أي تجعلنا حلالا، لا محرمين، وليست الديار داخلة معهم في ذلك.
واعلم أنه لكون الباء بمعنى الهمزة، لا يجمع بينهما، فإن قلت: كيف جاء * (تنبت بالدهن) * والهمزة في " أنبت " للنقل؟
قلت: لهم في الانفصال عنه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن تكون الباء زائدة.
والثاني: أنها باء الحال، كأنه قال: تنبت ثمرها وفيه الدهن، أي وفيهما الدهن، والمعنى:
تنبت الشجرة بالدهن، أي ما هو موجود منه، وتختلط به القوة بنبتها، على موقع المنة، ولطيف القدرة، وهداية إلى استخراج صبغة الآكلين.
والثالث: أن " نبت " و " أنبت " بمعنى.
* * *