وقال تعالى: * (إنما يخشى الله من عباده العلماء) *، وقال لموسى:
* (لا تخف) *، أي لا يكون عندك من ضعف نفسك ما تخاف منه من فرعون.
فإن قيل: ورد: * (يخافون ربهم) *؟
قيل: الخاشي من الله بالنسبة إلى عظمة الله ضعيف، فيصح أن يقول " يخشى ربه " لعظمته، ويخاف ربه، أي لضعفه بالنسبة إلى الله تعالى.
وفيه لطيفة، وهي أن الله تعالى لما ذكر الملائكة وهم أقوياء ذكر صفتهم بين يديه، فقال: * (يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون) *، فبين أنهم عند الله ضعفاء، ولما ذكر المؤمنين من الناس وهم ضعفاء لا حاجة إلى بيان ضعفهم، ذكر ما يدل على عظمة الله تعالى، فقال: * (يخشون ربهم) *، ولما ذكر ضعف الملائكة بالنسبة إلى قوة الله تعالى قال: * (ربهم من فوقهم) *، والمراد فوقية بالعظمة.
* * * ومن ذلك الشح والبخل، والشح هو البخل الشديد; وفرق العسكري بين البخل والضن، بأن الضن أصله أن يكون بالعواري والبخل بالهيئات، ولهذا يقال: هو ضنين بعلمه، ولا يقال: هو بخيل، لأن العلم أشبه بالعارية منه بالهيئة; لأن الواهب إذا وهب شيئا خرج عن ملكه بخلاف العارية، ولهذا قال تعالى: * (وما هو على الغيب بضنين) *، ولم يقل ب * (بخيل) *.
* * *