الغرض; لأنه لم يؤذن بمزاولة الكلب البسط، وأنه يتجدد له شئ بعد شئ ف " باسط " أشعر بثبوت الصفة.
وقوله: * (هل من خالق غير الله يرزقكم) *، لو قيل " رازقكم " لفات ما أفاده الفعل من تجدد الرزق شيئا بعد شئ; ولهذا جاءت الحال في صورة المضارع، مع أن العامل الذي يفيده ماض، كقولك: جاء زيد يضرب، وفى التنزيل: * (وجاءوا أباهم عشاء يبكون) *، إذ المراد أن يريد صورة ما هم عليه وقت المجئ وأنهم آخذون في البكاء يجددونه شيئا بعد شئ، وهذا هو سر الإعراض عن اسم الفاعل والمفعول، إلى صريح الفعل والمصدر.
ومن هذا يعرف لم قيل: * (الذين ينفقون) *، ولم يقل " المنفقين " في غير موضع؟
وقيل كثيرا: " المؤمنون " و " المتقون "; لأن حقيقة النفقة أمر فعلى شأنه الانقطاع والتجدد، بخلاف الإيمان فإن له حقيقة تقوم بالقلب يدوم مقتضاها، وإن غفل عنها، وكذلك التقوى والإسلام، والصبر والشكر، والهدى والضلال، والعمى والبصر، فمعناها، أو معنى وصف الجارحة; كل هذه لها مسميات حقيقية أو مجازية تستمر، وآثار تتجدد وتنقطع، فجاءت بالاستعمالين; إلا أن لكل محل ما يليق به، فحيث يراد تجدد حقائقها أو آثارها فالأفعال، وحيث يراد ثبوت الاتصاف بها فالأسماء. وربما بولغ في الفعل فجاء تارة بالصيغة الاسمية، كالمجاهدين والمهاجرين والمؤمنين; لأنه للشأن والصفة، هذا مع أن لها في القلوب أصولا، وله ببعض معانيها التصاق قوى هذا التركيب، إذ القلب فيه جهاد الخواطر الرديئة، والأخلاق الدنيئة، وعقد على فعل المهاجرة، كما فيه عقد على الوفاء بالعهد. وحيث يستمر المعاهد عليه إلى غير ذلك.