التعقيب، ويذهب الضمير المعطى معنى الحصر، ولم يكونوا منكرين الموت من الله، وإنما أنكروا البعث، فدخلت " ثم " لتراخى ما بين الإماتة والإحياء.
وقوله تعالى: * (أدعوتموهم أم أنتم صامتون) * لأن الفعل الماضي يحتمل هذا الحكم دائما ووقتا دون وقت، فلما قال: * (أم أنتم صامتون) *، أي سكوتكم عنهم أبدا ودعاؤكم إياهم واحد، لأن " صامتون " فيه مراعاة للفواصل، فهو أفصح، وللتمكين من تطريفه ذلك بحرف المد واللين، وهو للطبع أنسب من صمتهم، وصلا ووقفا.
وفيه وجه آخر، وهو أن أحد القسمين موازن للآخر، فيدل على أن المعنى: " أنتم داعون لهم دائما أم أنتم صامتون ".
فإن قيل: لم لا يعكس؟
قلنا: لأن الموصوف الحاضر والمستقبل، لا الماضي; لأن قبله: * (وأن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم) *، والكلام بآخره، فالحكم به قد يرجح.
وقوله تعالى: * (أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين) *، ولم يقل:
" أم لعبت "; لأن العاقل لا يمكن أن يلعب بمثل ما جاء به ظاهرا، وإنما يكون ذلك أحد رجلين; إما محق وإما مستمر على لهو الصبا وغى الشباب، فيكون اللعب من شأنه حتى يصدر عنه مثل ذلك، ولو قال: " أم لعبت " لم يعط هذا.
وقوله تعالى حاكيا عن المنافقين: * (آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين) *، يريدون أحدثنا الإيمان، وأعرضنا كان عن الكفر، ليروح ذلك خلافا منهم، كما أخبر تعالى عنهم في قوله: * (يخادعون الله والذين آمنوا) *.