* (أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم قال بل فعله كبيرهم هذا) *; فإن السؤال وقع عن الفاعل; لا عن الفعل، ومع ذلك صدر الجواب بالفعل، مع أنهم لم يستفهموه عن كسر الأصنام، بل كان عن الشخص الكاسر لها!
والجواب أن ما بعد " بل " ليس بجواب للهمزة، فإن " بل " لا يصلح أن يصدر بها الكلام، ولأن جواب الهمزة بنعم أو بلى. فالوجه أن يجعل إخبارا مستأنفا، والجواب المحقق مقدر، دل عليه سياق الكلام، ولو صرح به لقال: " ما فعلته بل فعله كبيرهم "، وإنما اخترنا تقدير الجملة الفعلية على الجملة المعطوفة عليها في ذلك.
فإن قلت: يلزم على ما ذكرت أن يكون الخلف واقعا في الجملتين: المعطوف عليها.
المقدرة، والمعطوفة الملفوظ بها بعد " بل "!
قلت: وإنه لازم، على أن يكون التقدير: ما أنا فعلته بل فعله كبيرهم هذا، مع زيادته بالخلف عما أفادته الجملة الأولى لو من التعريض، إذ منطوقها نفى الفعل عن إبراهيم عليه السلام، ومفهومها إثبات حصول التكسير من غيره.
فإن قلت: ولابد من ذكر ما يكون مخلصا عن الخلف على كل حال.
فالجواب من وجوه:
أحدها: أن في التعريض مخلصا عن الكذب، ولم يكن قصده عليه السلام أن ينسب الفعل الصادر منه إلى الصنم حقيقة، بل قصده إثبات الفعل لنفسه على طريق التعريض، ليحصل غرضه من التبكيت، وهو في ذلك مثبت معترف لنفسه بالفعل; وليس هذا من الكذب في شئ.
والثاني: إنه غضب من تلك الأصنام، غيرة لله تعالى; ولما كانوا لأكبرها أشد تعظيما، كان منه أشد غضبا، فحمله ذلك على تكسيرها، وذلك كله حامل للقوم على الأنفة