وقيل: إنما سألوا عن الروح: هل هي محدثة مخلوقة أم ليست كذلك؟ فأجابهم، بأنها من أمر الله; وهو جواب صحيح، لأنه لا فرق بين أن يقول في الجواب ذلك، أو يقول: " من أمر ربى "، لأنه إنما أراد أنها من فعله وخلقه.
وقيل: أنهم سألوه عن الروح الذي هو في القرآن، فقد سمى الله القرآن روحا في مواضع من الكتاب، وحينئذ فوقع الجواب موقعه; لأنه قال: لهم الروح الذي هو القرآن من أمر ربى، ومما أنزله الله على نبيه، يجعله دلالة وعلما على صدقه وليس [من] فعل المخلوقين ولا مما يدخل في إمكانهم.
وحكاه الشريف المرتضى في،، الغرر،، عن الحسن البصري، قال: ويقويه قوله بعد هذه الآية: * (ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلا) *، فكأنه قال تعالى: إن القرآن من أمر ربى ولو شاء لرفعه.
ومثال الزيادة في الجواب، قوله تعالى: * (وما تلك بيمينك يا موسى. قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولى فيها مآرب أخرى) * فإنه عليه السلام، فهم أن السؤال يعقبه أمر عظيم يحدثه الله في العصا، فينبغي أن ينبه لصفاتها، حتى يظهر له التفاوت بين الحالين.
وكذا قوله: * (ما تعبدون. قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين) * وحسنه إظهار الابتهاج بعبادتها والاستمرار على مواظبتها، ليزداد غيظ السائل.
وقوله تعالى: * (الله ينجيكم منها ومن كل كرب) * بعد قوله: * (قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا...) * الآية، ولولا قصد بسط الكلام ليشاكل ما تقدم، لقال " ينجيكم الله ".