وأما قوله: * (ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده) *، فالأولى شرطية والثانية نافية، جواب للقسم الذي أذنت به اللام الداخلة على الأولى، وجواب الشرط محذوف وجوبا.
واختلف في قوله: * (ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه) *، فقال الزمخشري وابن الشجري: إن نافية، أي فيما ما مكناكم فيه، إلا أن " إن " أحسن في اللفظ لما في مجامعة مثلها من التكرار المستبشع، ومثله يتجنب. قالا: ويدل على النفي قوله تعالى:
* (ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم) *.
وحكى الزمخشري أنها زائدة، قال: والأول أفخم.
وقال ابن عطية: " ما " بمعنى " الذي " و " إن " نافيه وقعت مكان " ما " فيختلف اللفظ، ولا تتصل ما ب " ما "، والمعنى: لقد أعطيناهم من القوة والغنى ما لم نعطكم، ونالهم بسبب كفرهم هذا العقاب، فأنتم أحرى بذلك إذا كفرتم.
وقيل: إن شرطية، والجواب محذوف، أي الذي إن مكناكم فيه طغيتم.
وقال: وهذا مطرح في التأويل.
وعن قطرب أنها بمعنى " قد " حكاه ابن الشجري ويحتمل النكرة الموصوفة.
واعلم أن بعضهم أنكر مجئ النافية، وقال في الآيات السابقة إن " ما " محذوفة والتقدير: " ما إن الكافرون إلا في غرور "، " ما إن تدعون "، " ما إن أدرى " ونظائرها، كما قال الشاعر: