ثم إلى ربكم ترجعون) *. وفى فصلت: * (من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد) *.
وحكمة فاصلة الأولى أن قبلها: * (قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ليجزى قوما بما كانوا يكسبون) *، فناسب الختام بفاصلة البعث; لأن قبله وصفهم بإنكاره وأما الأخرى فالختام حديث بها مناسب; أي لأنه لا يضيع عملا صالحا، و يزيد على من عمل شيئا.
ونظيره قوله في سورة النساء: * (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) *. ختم الآية مرة بقوله: * (فقد افترى إثما عظيما) *، ومرة بقوله: * (ضلالا بعيدا) *; لأن الأول نزل في اليهود، وهم الذين افتروا على الله ما ليس في كتابه، والثاني نزل في الكفار، ولم يكن لهم كتاب، وكان ضلالهم أشد.
وقوله في المائدة: * (ومن لم يحكم بما أنزل الله) *، فذكرها ثلاث مرات، وختم الأولى بالكافرين، والثانية بالظالمين، والثالثة بالفاسقين; فقيل: لأن الأولى نزلت في أحكام المسلمين. والثانية نزلت في أحكام اليهود، والثالثة نزلت في أحكام النصارى.
وقيل: * (ومن لم يحكم بما أنزل الله) * إنكارا له، فهو كافر، ومن لم يحكم بالحق مع اعتقاد الحق وحكم بضده فهو ظالم، ومن لم يحكم بالحق جهلا وحكم بضده فهو فاسق.
وقيل: الكافر والظالم والفاسق كلها بمعنى واحد، وهو الكفر، عبر عنه بألفاظ مختلفة، لزيادة الفائدة واجتناب صورة التكرار. وقيل غير ذلك.