الإضافة دون الموصوف وقال: * (وجعلنا ابن مريم وأمه آية) * لما غلوا في إلاهيته أكثر من أمه، كما نبه تعالى على حاجتهما وتغير أحوالهما في الوجود، بلحقهما هذه ما يلحق البشر، قال الله تعالى: * (كانا يأكلان الطعام) *.
ومنه " امرأة " هي في سبعة مواضع; وهي خمس من النساء: " امرأت عمران "، و " امرأت فرعون "، و " امرأت نوح "، و " امرأت لوط "، و " امرأت العزيز "، كلها ممدودة تنبيها على فعل التبعل والصحبة وشدة المواصلة والمخالطة والائتلاف في الموجود والمحسوس. وأربع منهن منفصلات في بواطن أمرهن عن بعولتهن بأعمالهن. وواحدة خاصة واصلت بعلها باطنا وظاهرا، وهي امرأت عمران، فجعل الله لها ذرية طيبة، وأكرمها بذلك وفضلها على العالمين. وواحدة من الأربع انفصلت بباطنها عن بعلها طاعة لله، وتوكلا عليه وخوفا منه، فنجاها وأكرمها، وهي امرأت فرعون. واثنتان منهن انفصلتا عن أزواجهما كفرا بالله فأهلكهما الله ودمرهما، ولم ينتفعا بالوصلة الظاهرة; مع أنها أقرب وصلة بأفضل أحباب الله. كما لم تضر امرأت فرعون وصلتها الظاهرة بأخبث عبيد الله. وواحدة انفصلت عن بعلها بالباطن اتباعا للهوى وشهوة نفسها، فلم تبلغ من ذلك مرادها، مع تمكنها من الدنيا واستيلائها على ما مالت إليه بحبها وهو في بيتها وقبضتها، فلم يغن ذلك عنها شيئا. وقوتها وعزتها إنما كانا لها من بعلها " العزيز "، ولم ينفعها ذلك في الوصول إلى إرادتها مع عظيم كيدها. كما لم يضر يوسف ما امتحن به منها، ونجاه الله من السجن، ومكن له في الأرض، وذلك بطاعته لربه. ولا سعادة إلا بطاعة الله، ولا شقاوة إلا بمعصيته; فهذه كلها عبر وقعت بالفعل في الوجود، في شأن كل امرأة منهن، فلذلك مدت تاءاتهن قبل.