من حيث يكون معنى الكلمة يعتبر من مبدئه الظاهر شيئا بعد شئ إلى ملكوتية الباطن، إلى ما لا يدرك منه إلا إيمانا وتسليما، فيكون حذف الياء منبها على ذلك، وإن لم يكمل اعتباره في الظاهر من ذلك الخطاب بحسب عرض الخطاب، مثل: * (وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما) *، هو * (ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين) * وقد ابتدأ ذلك لهم في الدنيا متصلا بالآخرة.
وكذلك: * (وإن الله لهاد الذين آمنوا) *; حذفت لأنه يهديهم بما نصب لهم في الدنيا من الدلائل والعبر إلى الصراط المستقيم، برفع درجاتهم في هدايتهم إلى حيث لا غاية، قال الله تعالى: * (ولدينا مزيد) *. وكذلك: * (وما أنت بهاد العمى) * في الروم، هذه الهداية هي الكلية على التفصيل بالتوالي التي ترقى العبد في هدايته من الأرباب إلى ما يدركه العيان; ليس ذلك للرسول عليه السلام بالنسبة إلى العيان.
ويدل على ذلك قوله قبلها: * (فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيى الأرض بعد موتها...) * الآية، فهذا النظر من عالم الملك ذاهبا في النظر إلى عالم الملكوت إلى ما لا يدرك إلا إيمانا وتسليما. وهذا بخلاف الحرف الذي في النمل: * (وما أنت بهادي العمى) *; فثبتت الياء; لأن هذه الهداية كلية كاملة، بدليل قوله: * (إنك على الحق المبين) *.
وكذلك: * (بالواد المقدس) *، و * (الواد الأيمن) * هما مبدأ التقديس واليمن