* (أفعصيت أمرى) *، ولم يأمره بالمسير الحسى، إنما أمره أن يخلفه في قومه ويصلح، وهذا بخلاف قول هارون: * (فاتبعوني وأطيعوا أمرى) *، فإنه اتباع محسوس في ترك ما سواه، بدليل قوله: * (وأطيعوا أمرى) *، وهو لا أمر له إلا الحسى.
وكذلك: * (فكيف كان نكير) * حيث وقع، لأن النكير معتبر من جهة الملكوت، لا من جهة أثره المحسوس، فإن أثره قد انقضى وأخبر عنه بالفعل الماضي، والنكير اسم ثابت في الأزمان كلها، فيه التنبيه على أنه كما أخذ أولئك يأخذ غيرهم.
وكذلك: * (إني أخاف أن يكذبون) * خاف موسى عليه السلام أن يكذبوه فيما جاءهم به، وأن يكون سببه من قبله، من جهة إفهامه لهم بالوحي، فإنه كان عالي البيان، لأنه كليم الرحمن، فبلاغته لا تصل إليها أفهامهم، فيصير إفصاحه العالي عند فهمهم النازل عقدة عليهم في اللسان، يحتاج إلى ترجمان; فإن يقع بعده تكذيب فيكون من قبل أنفسهم، وبه تتم الحجة عليهم.
وكذلك: * (إن كدت لتردين) *، هو الإرادة الأخروي الملكوتي.
وكذلك: * (أن ترجمون) *، ليس هو الرجم بالحجارة، إنما هو ما يرمونه من بهتانهم.
وكذلك: * (فحق وعيد) *، * (لمن خاف مقامي وخاف وعيد) *، هو الأخروي الملكوتي.