قوله تعالى " إنا لما طغى الماء " أي زاد على الحد بإذن الله " حملناكم في الجارية " ولم ينزل شئ من الريح إلا بكيل على يدي ملك إلا يوم عاد فإنه أذن لها دون الخزان فخرجت فذلك قوله تعالى " بريح صرصر عاتية " أي عتت على الخزان ولهذا قال تعالى ممتنا على الناس " إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية " وهي السفينة الجارية على وجه الماء " لنجعلها لكم تذكرة " عاد الضمير على الجنس لدلالة المعنى عليه أي وأبقينا لكم من جنسها ما تركبون على تيار الماء في البحار كما قال " وجعل لكم من الفلك والانعام ما تركبون * لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه " وقال تعالى " وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون وخلقنا لهم من مثله ما يركبون " وقال قتادة: أبقى الله السفينة حتى أدركها أوائل هذه الأمة. والأول أظهر ولهذا قال تعالى " وتعيها أذن واعية " أي وتفهم هذه النعمة وتذكرها أذن واعية قال ابن عباس: حافظة سامعة. وقال قتادة " أذن واعية " عقلت عن الله فانتفعت بما سمعت من كتاب الله وقال الضحاك " وتعيها أذن واعية " سمعتها أذن ووعت أي من له سمع صحيح وعقل رجيح وهذا عام في كل من فهم ووعى. وقد قال ابن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة الدمشقي حدثنا العباس بن الوليد بن صبيح الدمشقي حدثنا زيد بن يحيى حدثنا علي بن حوشب سمعت مكحولا يقول: لما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم " وتعيها أذن واعية " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " سألت ربي أن يجعلها أذن علي " قال مكحول فكان علي يقول: ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط فنسيته وهكذا رواه ابن جرير عن علي بن سهل عن الوليد بن مسلم عن علي بن حوشب عن مكحول به وهو حديث مرسل. وقد قال ابن أبي حاتم أيضا حدثنا جعفر بن محمد بن عامر حدثنا بشر بن آدم حدثنا عبد الله بن الزبير أبو محمد يعني والد أبي أحمد الزبيري حدثني صالح بن الهيثم سمعت ابن مرة الأسلمي يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي " إني أمرت أن أدنيك ولا أقصيك وأن أعلمك وأن تعي وحق لك أن تعي " قال فنزلت هذه الآية " وتعيها أذن واعية ". ورواه ابن جرير عن محمد بن خلف عن بشر بن آدم به ثم رواه ابن جرير من طريق آخر عن داود الأعمى عن بريدة به ولا يصح أيضا.
فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة (13) وحملة الأرض والجبال يقول تعالى مخبرا عن أهوال يوم القيامة وأول ذلك نفخة الفزع ثم يعقبها نفخة الصعق حين يصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم بعدها نفخة القيام لرب العالمين والبعث والنشور وهي هذه النفخة وقد أكدها ههنا بأنها واحدة لان أمر الله لا يخالف ولا يمانع ولا يحتاج إلى تكرار ولا تأكيد وقال الربيع هي النفخة الأخيرة والظاهر ما قلناه. ولهذا قال ههنا " وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة " أي فمدت مد الأديم العكاظي وتبدلت الأرض غير الأرض (فيومئذ وقعت الواقعة) أي قامت القيامة (وانشقت السماء فهي يومئذ واهية) قال سماك عن شيخ من بني أسد عن علي قال: تنشق السماء من المجرة رواه ابن أبي حاتم وقال ابن جريج هي كقوله " وفتحت السماء فكانت أبوابا " وقال ابن عباس متخرقة والعرش بحذائها " والملك على أرجائها " الملك اسم جنس أي الملائكة على أرجاء السماء قال ابن عباس على ما لم (ينشق)؟ منها أي حافاتها وكذا قال سعيد بن جبير والأوزاعي وقال الضحاك أطرافها وقال الحسن البصري أبوابها وقال الربيع بن أنس في قوله " والملك على أرجائها " يقول على ما استدق من السماء ينظرون إلى أهل الأرض. وقوله تعالى " ويحمل