فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم (48) لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم (49) فاجتباه ربه فجعله من الصالحين (50) وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون (51) وما هو إلا ذكر للعالمين (52) يقول تعالى " فاصبر " يا محمد على أذى قومك لك وتكذيبهم فإن الله سيحكم لك عليهم ويجعل العاقبة لك ولاتباعك في الدنيا والآخرة " ولا تكن كصاحب الحوت " يعني ذا النون وهو يونس بن متى عليه السلام حين ذهب مغاضبا على قومه فكان من أمره ما كان من ركوبه في البحر والتقام الحوت له وشرود الحوت به في البحار وظلمات غمرات اليم وسماعه تسبيح البحر بما فيه للعلي القدير الذي لا يرد ما أنفذه من التقدير فحينئذ نادى في الظلمات " أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " قال الله تعالى " فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين ". وقال تعالى " فلولا أنه كان من المسبحين * للبث في بطنه إلى يوم يبعثون " وقال ههنا " إذ نادى وهو مكظوم " قال ابن عباس ومجاهد والسدي وهو مغموم وقال عطاء الخراساني وأبو مالك مكروب وقد قدمنا في الحديث أنه لما قال " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " خرجت الكلمة تحن حول العرش فقالت الملائكة يا رب هذا صوت ضعيف معروف من بلاد غريبة فقال الله تبارك وتعالى أما تعرفون هذا؟ قالوا لا. قال هذا يونس قالوا يا رب عبدك الذي لا يزال يرفع له عمل صالح ودعوة مجابة قال نعم قالوا أفلا ترحم ما كان يعمله في الرخاء فتنجيه من البلاء. فأمر الله الحوت فألقاه بالعراء ولهذا قال تعالى " فاجتباه ربه فجعله من الصالحين " وقد قال الإمام أحمد حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا ينبغي لاحد أن يقول أنا خير من يونس بن متى " ورواه البخاري من حديث سفيان الثوري وهو في الصحيحين من حديث أبي هريرة. وقوله تعالى " وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم " قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما " ليزلقونك " لينفذونك " بأبصارهم " أي يعينونك بأبصارهم بمعنى يحسدونك لبغضهم إياك لولا وقاية الله لك وحمايته إياك منهم وفي هذه الآية دليل على أن العين إصابتها وتأثيرها حق بأمر الله عز وجل كما وردت بذلك الأحاديث المروية من طرق متعددة كثيرة.
" حديث أنس بن مالك رضي الله عنه " قال أبو داود حدثنا سليمان بن داود العتكي حدثنا شريك ح وحدثنا العباس العنبري حدثنا يزيد بن هارون أنبأنا شريك عن العباس بن ذريح عن الشعبي قال العباس عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا رقية إلا من عين أو حمة أو دم لا يرقا " لم يذكر العباس العين وهذا لفظ سليمان.
" حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه " قال أبو عبد الله ابن ماجة حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا إسحاق بن سليمان عن أبي جعفر الرازي عن حصين عن الشعبي عن بريدة بن الحصيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا رقية إلا من عين أو حمة " هكذا رواه ابن ماجة وقد أخرجه مسلم في صحيحه عن سعيد بن منصور عن هشيم عن حصين بن عبد الرحمن عن عامر الشعبي عن بريدة موقوفا وفيه قصة وقد رواه شعبة عن حصين عن الشعبي عن بريدة قاله الترمذي وروى هذا الحديث الامام البخاري من حديث محمد بن فضيل وأبو داود من حديث مالك بن مغول والترمذي من حديث سفيان بن عيينة ثلاثتهم عن حصين عن عامر عن الشعبي عن عمران بن حصين موقوفا " لا رقية إلا من عين أو حمة ".
" حديث أبي ذر جندب بن جنادة رضي الله عنه " قال الحافظ أبو يعلى الموصلي حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرعرة بن اليزيد السامي حدثنا ديلم بن غزوان حدثنا وهب بن أبي دني عن ابن حرب عن أبي ذر قال: قال