مقام المحشر وهو قوله تعالى " والملك على أرجائها " وقوله " يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان ". وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنه والحسن والضحاك أنهم قرأوا يوم التناد بتشديد الدال من ند البعير إذا تردى وذهب وقيل لان الميزان عنده ملك إذا وزن عمل العبد فرجح نادى بأعلى صوته ألا قد سعد فلان بن فلان سعادة لا يشقى بعدها أبدا وإن خف عمله نادى ألا قد شقي فلان بن فلان وقال قتادة ينادي كل قوم بأعمالهم: ينادي أهل الجنة أهل الجنة وأهل النار أهل النار وقيل سمي بذلك لمناداة أهل الجنة أهل النار " أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم " ومناداة أهل النار أهل الجنة " أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين " ولمناداة أصحاب الأعراف أهل الجنة وأهل النار كما هو مذكور في سورة الأعراف واختار البغوي وغيره أنه سمى بذلك لمجموع ذلك وهو قول حسن جيد والله أعلم. وقوله تعالى " يوم تولون مدبرين " أي ذاهبين هاربين " كلا لا وزر إلى ربك يومئذ المستقر " ولهذا قال عز وجل " مالكم من الله من عاصم " أي لا مانع يمنعكم من بأس الله وعذابه " ومن يضلل الله فما له من هاد " أي من أضله الله فلا هادي له غيره.
وقوله تبارك وتعالى " ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات " يعني أهل مصر فد بعث الله فيهم رسولا من قبل موسى عليه الصلاة والسلام وهو يوسف عليه الصلاة والسلام كان عزيز أهل مصر وكان رسولا يدعو إلى الله تعالى أمته بالقسط فما أطاعوه تلك الطاعة إلا بمجرد الوزارة والجاه الدنيوي ولهذا قال تعالى " فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا " أي يئستم فقلتم طامعين " لن يبعث الله من بعده رسولا " وذلك لكفرهم وتكذيبهم " كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب " أي كحالكم هذا يكون حال من يضله الله لإسرافه في أفعاله وارتياب قلبه. ثم قال عز وجل " الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم " أي الذين يدفعون الحق بالباطل ويجادلون الحجج بغير دليل وحجة معهم من الله تعالى فإن الله عز وجل يمقت على ذلك أشد المقت ولهذا قال تعالى " كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا " أي والمؤمنون أيضا يبغضون من تكون هذه صفته فإن من كانت هذه صفته يطبع الله على قلبه فلا يعرف بعد ذلك معروفا ولا ينكر منكرا ولهذا قال تبارك وتعالى " كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر " أي على اتباع الحق " جبار " وروى ابن أبي حاتم عن عكرمة وحكي عن الشعبي أنهما قالا لا يكون الانسان جبارا حتى يقتل نفسين وقال أبو عمران الجوني وقتادة:
آية الجبابرة القتل بغير حق والله تعالى أعلم.
وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا لعلى أبلغ الأسباب (36) أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل وما كيد فرعون إلا في تباب (37) يقول تعالى مخبرا عن فرعون وعتوه وتمرده وافترائه في تكذيبه موسى عليه الصلاة والسلام أنه أمر وزيره هامان أن يبني له صرحا وهو القصر العالي المنيف الشاهق وكان اتخاذه من الآجر المضروب من الطين المشوي كما قال تعالى " فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا " ولهذا قال إبراهيم النخعي كانوا يكرهون البناء بالآجر وأن يجعلوه في قبورهم رواه ابن أبي حاتم وقوله " لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات " الخ قال سعيد بن جبير وأبو صالح أبواب السماوات وقيل طرق السماوات " فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا " وهذا من كفره وتمرده أنه كذب موسى عليه الصلاة والسلام في أن الله عز وجل أرسله إليه قال الله تعالى " وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل " أي بصنعه هذا الذي أراد أن يوهم به الرعية أنه يعمل شيئا يتوصل به إلى تكذيب موسى عليه الصلاة والسلام ولهذا قال تعالى " وما كيد فرعون إلا في تباب " قال ابن عباس ومجاهد يعني إلا في خسار