به مما كان فيه من الكفر والشرك وفتح له اليمن ودانت له جزيرة العرب بكمالها ودخل الناس في دين الله أفواجا ثم قبضه الله تعالى إليه لما له عنده من الكرامة العظيمة فأقام الله تبارك وتعالى أصحابه خلفاء بعده فبلغوا عنه دين الله عز وجل ودعوا عباد الله تعالى إلى الله جل وعلا وفتحوا البلاد والرساتيق والأقاليم والمدائن والقرى والقلوب حتى انتشرت الدعوة المحمدية في مشارق الأرض ومغاربها ثم لا يزال هذا الدين قائما منصورا ظاهرا إلى قيام الساعة ولهذا قال تعالى " إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد " أي يوم القيامة تكون النصرة أعظم وأكبر وأجل قال مجاهد: الاشهاد الملائكة. قوله تعالى " يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم " بدل من قوله " ويوم يقوم الاشهاد " وقرأ آخرون يوم بالرفع كأنه فسره به " يوم يقوم الاشهاد يوم لا ينفع الظالمين " وهم المشركون " معذرتهم " أي لا يقبل منهم عذر ولا فدية " ولهم اللعنة " أي الابعاد والطرد من الرحمة " ولهم سوء الدار " وهي النار قاله السدي بئس المنزل والمقيل وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما " ولهم سوء الدار " أي سوء العاقبة وقوله تعالى " ولقد آتينا موسى الهدى " وهو ما بعثه الله عز وجل به من الهدى والنور " وأورثنا بني إسرائيل الكتاب " أي جعلنا لهم العاقبة وأورثناهم بلاد فرعون وأمواله وحواصله وأرضه بما صبروا على طاعة الله تبارك وتعالى واتباع رسوله موسى عليه الصلاة والسلام وفي الكتاب الذي أورثوه وهو التوراة " هدى وذكرى لاولى الألباب " وهي العقول الصحيحة السليمة. قوله عز وجل " فاصبر " أي يا محمد " إن وعد الله حق " أي وعدناك أنا سنعلي كلمتك ونجعل العاقبة لك ولمن اتبعك " والله لا يخلف الميعاد " وهذا الذي أخبرناك به حق لا مرية فيه ولا شك وقوله تبارك وتعالى " واستغفر لذنبك " هذا تهييج للأمة على الاستغفار " وسبح بحمد ربك بالعشي " أي في أواخر النهار وأوائل الليل " والابكار " وهي أوائل النهار وأواخر الليل. وقوله تعالى " إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم " أي يدفعون الحق بالباطل ويردون الحجج الصحيحة بالشبه الفاسدة بلا برهان ولا حجة من الله " إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه " أي ما في صدورهم إلا كبر على اتباع الحق واحتقار لمن جاءهم به وليس ما يرومونه من إخماد الحق وإعلاء الباطل بحاصل لهم بل الحق هو المرفوع وقولهم وقصدهم هو الموضوع " فاستعذ بالله " أي من حال مثل هؤلاء أو من شر مثل هؤلاء المجادلين في آيات الله بغير سلطان هذا تفسير ابن جرير وقال كعب وأبو العالية نزلت هذه الآية في اليهود " إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه " قال أبو العالية وذلك أنهم ادعوا أن الدجال منهم وأنهم يملكون به الأرض فقال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم آمرا له أن يستعيذ من فتنة الدجال ولهذا قال عز وجل " فاستعذ بالله إنه هو السميع البصير " وهذا قول غريب وفيه تعسف بعيد وإن كان قد رواه ابن أبي حاتم في كتابه والله سبحانه وتعالى أعلم لخلق السماوات والأرض من خلق الناس ولاكن أكثر الناس لا يعملون (57) وما يستوى الأعمى والبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسئ قليلا ما تتذكرون (57) إن الساعة لآتية لا ريب فيها لكن أكثر الناس لا يؤمنون (59) يقول تعالى منبها على أنه يعيد الخلائق يوم القيامة وأن ذلك سهل عليه يسير لديه بأنه خلق السماوات والأرض وخلقهما أكبر من خلق الناس بدأة وإعادة فمن قدر على ذلك فهو قادر على ما دونه بطريق الأولى والأحرى كما قال تعالى " أو لم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى إنه
(٩١)