أمر الله فلا تستعجلوه " وقال جل جلاله " فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا " الآية. وقوله تبارك وتعالى " إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين " قال قتادة وقفت القلوب في الحناجر من الخوف فلا تخرج ولا تعود إلى أماكنها وكذا قال عكرمة والسدي وغير واحد ومعنى كاظمين أي ساكتين لا يتكلم أحد إلا بإذنه " يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا " وقال ابن جريج " كاظمين " أي باكين.
وقوله سبحانه وتعالى " ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع " أي ليس للذين ظلموا أنفسهم بالشرك بالله من قريب منهم ينفعهم ولا شفيع يشفع فيهم بل قد تقطعت بهم الأسباب من كل خير. وقوله تعالى " يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور " يخبر عز وجل عن علمه التام المحيط بجميع الأشياء جليلها وحقيرها صغيرها وكبيرها دقيقها ولطيفها ليحذر الناس علمه فيهم فيستحيوا من الله تعالى حق الحياء ويتقوه حق تقواه ويراقبوه مراقبة من يعلم أنه يراه فإنه عز وجل يعلم العين الخائنة وإن أبدت أمانة ويعلم ما تنطوي عليه خبايا الصدور من الضمائر والسرائر. قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى " يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور " هو لرجل يدخل على أهل البيت بيتهم وفيهم المرأة الحسناء أو تمر به وبهم المرأة الحسناء فإذا غفلوا لحظ إليها فإذا فطنوا غض بصره عنها فإذا غفلوا لحظ فإذا فطنوا غض وقد اطلع الله تعالى من قلبه أنه ود أن لو اطلع على فرجها رواه ابن أبي حاتم وقال الضحاك " خائنة الأعين " هو الغمز وقول الرجل رأيت ولم ير. أو لم أر وقد رأى وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يعلم الله تعالى من العين في نظرها هل تريد الخيانة أم لا؟
وكذا قال مجاهد وقتادة وقال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى " وما تخفي الصدور " يعلم إذا أنت قدرت عليها هل تزني بها أم لا؟ وقال السدي " وما تخفى الصدور " أي من الوسوسة وقوله عز وجل " والله يقضي بالحق " أي يحكم بالعدل قال الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى " والله يقضي بالحق " قادر على أن يجزي بالحسنة الحسنة وبالسيئة السيئة " إن الله هو السميع البصير " وهذا الذي فسر به ابن عباس رضي الله عنهما هذه الآية كقوله تبارك وتعالى " ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى " وقوله جل وعلا " والذين يدعون من دونه " أي من الأصنام والأوثان والأنداد " لا يقضون بشئ " أي لا يملكون شيئا ولا يحكمون بشئ " إن الله هو السميع البصير " أي سميع لأقوال خلقه بصير بهم فيهدي من يشاء ويضل من يشاء وهو الحاكم العادل في جميع ذلك * أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم كانوا هم أشد منهم قوة وآثارا في الأرض فأخذهم الله بذنوبهم وما كان لهم من الله من واق (21) ذلك بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فكفروا فأخذهم الله إنه قوى شديد العقاب (22) يقول تعالى " أو لم يسيروا " هؤلاء المكذبون برسالتك يا محمد " في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم " أي من الأمم المكذبة بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام ما حل بهم من العذاب والنكال مع أنهم كانوا أشد من هؤلاء قوة " وآثارا في الأرض " أي أثروا في الأرض من البنايات والمعالم والديارات ما لا يقدر هؤلاء عليه كما قال عز وجل " ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه " وقال تعالى " وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها " أي مع هذه القوة العظيمة والبأس الشديد أخذهم الله بذنوبهم وهي كفرهم برسلهم " وما كان لهم من الله من واق " أي وما دفع عنهم عذاب الله أحد ولا رده عنهم راد ولا وقاهم واق ثم ذكر علة أخذه إياهم