أي خاشعون له أذلاء بين يديه وأنهم " يستغفرون للذين آمنوا " أي من أهل الأرض ممن آمن بالغيب فقيض الله تعالى ملائكته المقربين أن يدعوا للمؤمنين بظهر الغيب ولما كان هذا من سجايا الملائكة عليهم الصلاة والسلام كانوا يؤمنون على دعاء المؤمن لأخيه بظهر الغيب كما ثبت في صحيح مسلم " إذا دعا المسلم لأخيه بظهر الغيب قال الملك آمين ولك بمثله " وقد قال الإمام أحمد حدثنا عبد الله بن محمد - هو ابن شيبة - حدثنا عبيدة بن سليمان عن محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " صدق أمية بن أبي الصلت في شئ من شعره " فقال:
زحل وثور تحت رجل يمينه والنسر للأخرى وليث مرصد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " صدق " فقال:
والشمس تطلع كل آخر ليلة حمراء يصبح لونها يتورد تأبي فما تطلع لنا في رسلها إلا معذبة وإلا تجلد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " صدق " وهذا إسناد جيد وهو يقتضي أن حملة العرش اليوم أربعة فإذا كان يوم القيامة كانوا ثمانية كما قال تعالى " ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية " وهنا سؤال وهو أن يقال ما الجمع بين المفهوم من هذه الآية ودلالة هذا الحديث؟ وبين الحديث الذي رواه أبو داود ثنا محمد بن الصباح البزار ثنا الوليد بن أبي ثور عن سماك عن عبد الله بن عميرة عن الأحنف بن قيس عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال: كنت بالبطحاء في عصابة فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فمرت بهم سحابة فنظر إليها فقال " ما تسمون هذه؟ " قالوا السحاب قال " والمزن " قالوا والمزن قال " والعنان " قالوا والعنان - قال أبو داود ولم أتقن العنان جيدا - قال " هل تدرون بعد ما بين السماء والأرض؟ " قالوا لا ندري قال " بعد ما بينهما إما واحدة أو اثنتان أو ثلاث وسبعون سنة ثم السماء فوقها كذلك حتى عد سبع سماوات ثم فوق السماء السابعة بحر ما بين أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء ثم فوق ذلك ثمانية أوعال بين أظلافهن وركبهن مثل ما بين سماء إلى سماء ثم على ظهورهن العرش بين أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء ثم الله تبارك وتعالى فوق ذلك ". ثم رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة من حديث سماك بن حرب به وقال الترمذي حسن غريب وهذا يقتضي أن حملة العرش ثمانية كما قال شهر ابن حوشب رضي الله عنه حملة العرش ثمانية أربعة منهم يقولون سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على حلمك بعد علمك وأربعة يقولون سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على عفوك بعد قدرتك ولهذا يقولون إذا استغفروا للذين آمنوا " ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما " أي رحمتك تسع ذنوبهم وخطاياهم وعلمك محيط بجميع أعمالهم وأقوالهم وحركاتهم وسكناتهم " فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك " أي فاصفح عن المسيئين إذا تابوا وأنابوا وأقلعوا عما كانوا فيه واتبعوا ما أمرتهم به من فعل الخيرات وترك المنكرات " وقهم عذاب الجحيم " أي وزحزحهم عن عذاب الجحيم وهو العذاب الموجع الأليم " ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم " أي أجمع بينهم وبينهم لتقر بذلك أعينهم بالاجتماع في منازل متجاورة كما قال تبارك وتعالى " والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شئ " أي ساوينا بين الكل في المنزلة لتقر أعينهم وما نقصنا العالي حتى يساوي الداني بل رفعنا ناقص العمل فساويناه بكثير العمل تفضلا منا ومنة وقال سعيد بن جبير إن المؤمن إذا دخل الجنة سأل عن أبيه وابنه وأخيه أين هم؟ فيقال إنهم لم يبلغوا طبقتك في العمل فيقول إني إنما عملت لي ولهم فيلحقون به في الدرجة ثم تلا سعيد بن جبير هذه الآية " ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم " قال مطرف بن عبد الله بن الشخير أنصح عباد الله للمؤمنين الملائكة ثم تلا هذه الآية " ربنا وأدخلهم جنات عدن التي