واحد من السلف منهم ابن أبي ليلى ويزيد بن رومان والضحاك ومقاتل بن حيان وغيرهم في هذه الآية أنها نزلت في الوليد بن عقبة والله أعلم.
وقوله تعالى " واعلموا أن فيكم رسول الله " أي اعلموا أن بين أظهركم رسول الله فعظموه ووقروه وتأدبوا معه وانقادوا لامره فإنه أعلم بمصالحكم وأشفق عليكم منكم ورأيه فيكم أتم من رأيكم لأنفسكم كما قال تبارك وتعالى " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم " ثم بين أن رأيهم سخيف بالنسبة إلى مراعاة مصالحهم فقال " لو يطيعكم في كثير من الامر لعنتم " أي لو أطاعكم في جميع ما تختارونه لادى ذلك إلى عنتكم وحرجكم كما قال سبحانه وتعالى " ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون " وقوله عز وجل " ولكن الله حبب إليكم الايمان وزينه في قلوبكم " أي حببه إلى نفوسكم وحسنه في قلوبكم قال الإمام أحمد حدثنا بهز حدثنا علي بن مسعدة حدثنا قتادة عن أنس رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " الاسلام علانية والايمان في القلب - قال ثم يشير بيده إلى صدره ثلاث مرات ثم يقول - التقوى ههنا التقوى ههنا " " وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان " أي وبغض إليكم الكفر والفسوق وهي الذنوب الكبار والعصيان وهي جميع المعاصي وهذا تدريج لكمال النعمة وقوله تعالى " أولئك هم الراشدون " أي المتصفون بهذه الصفة هم الراشدون الذين قد آتاهم الله رشدهم. قال الإمام أحمد حدثنا مروان بن معاوية الفزاري حدثنا عبد الواحد بن أيمن المكي عن أبي رفاعة الزرقي عن أبيه قال لما كان يوم أحد وانكفأ المشركون قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " استووا حتى أثني على ربي عز وجل " فصاروا خلفه صفوفا فقال صلى الله عليه وسلم " اللهم لك الحمد كله اللهم لا قابض لما بسطت ولا باسط لما قبضت ولا هادي لمن أضللت ولا مضل لمن هديت ولا معطي لما منعت ولا مانع لما أعطيت ولا مقرب لما باعدت ولا مباعد لما قربت اللهم ابسط علينا من بركاتك ورحمتك وفضلك ورزقك اللهم إني أسألك النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول اللهم إني أسألك النعيم يوم العيلة والامن يوم الخوف اللهم إني عائذ بك من شر ما أعطيتنا ومن شر ما منعتنا اللهم حبب إلينا الايمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين اللهم توفنا مسلمين وأحينا مسلمين وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين اللهم قاتل الكفرة الذين يكذبون رسلك ويصدون عن سبيلك واجعل عليهم رجزك وعذابك اللهم قاتل الكفرة الذين أوتوا الكتاب إله الحق " ورواه النسائي في اليوم والليلة عن زياد بن أيوب عن مروان بن معاوية عن عبد الواحد بن أيمن عن عبيد بن رفاعة عن أبيه به وفي الحديث المرفوع " من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن " ثم قال (فضلا من الله ونعمة) أي هذا العطاء الذي منحكموه هو فضل منه عليكم ونعمة من لدنه " والله عليم حكيم " أي عليم بمن يستحق الهداية ممن يستحق الغواية حكيم في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره.
وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين (9) إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون (10) يقول تعالى آمرا بالاصلاح بين الفئتين الباغيتين بعضهم على بعض " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا