الصالحون؟ قال: " نعم إذا كثر الخبث ". وقد تقدم الكلام في هذا الباب، وأن المعاصي إذا ظهرت ولم تغير كانت سببا لهلاك (1) الجميع، والله أعلم.
قوله تعالى: وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا (17) أي كم من قوم كفروا حل بهم البوار. يخوف كفار مكة. وقد تقدم القول في القرن في أول سورة الأنعام (2)، والحمد لله.
(وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا) " خبيرا " عليما بهم. " بصيرا " يبصر أعمالهم، وقد تقدم (3).
قوله تعالى: من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلها مذموما مدحورا (18) ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا (19) قوله تعالى: (من كان يريد العاجلة) يعنى الدنيا، والمراد الدار العاجلة، فعبر بالنعت (4) عن المنعوت. (عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد) أي لم نعطه منها إلا ما نشاء ثم نؤاخذه بعمله، وعاقبته دخول النار. (مذموما مدحورا) أي مطردا مبعدا من رحمة الله. وهذه صفة المنافقين الفاسقين، والمرائين المداحين، يلبسون الاسلام والطاعة لينالوا عاجل الدنيا من الغنائم وغيرها، فلا يقبل ذلك العمل منهم في الآخرة ولا يعطون في الدنيا إلا ما قسم لهم.
وقد تقدم في " هود (5)) أن هذه الآية تقيد الآيات المطلقة، فتأمله. (ومن أراد الآخرة) أي الدار الآخرة. (وسعى لها سعيها) أي عمل لها عملها من الطاعات. (وهو مؤمن) لان الطاعات لا تقبل إلا من مؤمن. (فأولئك كان سعيهم مشكورا) أي مقبولا غير