" إخوان " يعنى أنهم في حكمهم، إذ المبذر ساع في إفساد كالشياطين، أو أنهم يفعلون ما تسول لهم أنفسهم، أو أنهم يقرنون بهم غدا في النار، ثلاثة أقوال. والاخوان هنا جمع أخ من غير النسب، ومنه قوله تعالى: " إنما المؤمنون (1) إخوة ". وقوله تعالى: (وكان الشيطان لربه كفورا) أي احذروا متابعة والتشبه به في الفساد. والشيطان اسم الجنس.
وقرأ الضحاك " إخوان الشيطان " على الانفراد، وكذلك ثبت في مصحف أنس بن مالك رضي الله عنه.
الثالثة - من أنفق ماله في الشهوات زائدة على قدر الحاجات وعرضه بذلك للنفاد فهو مبذر. ومن أنفق ربح ماله في شهواته وحفظ الأصل أو الرقبة فليس بمبذر. ومن أنفق درهما في حرام فهو مبذر، ويحجر عليه في نفقته الدرهم في الحرام، ولا يحجر عليه إن بذله في الشهوات إلا إذا خيف عليه النفاد.
قوله تعالى: وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمه من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا (28) فيه ثلاث مسائل:
الأولى - وهو أنه سبحانه وتعالى خص نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله: (وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها). وهو تأديب عجيب وقول لطيف بديع، أي لا تعرض عنهم إعراض مستهين عن ظهر الغنى والقدرة فتحرمهم (2). وإنما يجوز أن تعرض عنهم عند عجز يعرض وعائق يعوق، وأنت عند ذلك ترجو من الله سبحانه وتعالى فتح باب الخير لتتوصل به إلى مواساة السائل، فإن قعد بك الحال " فقل لهم قولا ميسورا ".
الثانية - في سبب نزولها، قال ابن زيد: نزلت الآية في قوم كانوا يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأبى أن يعطيهم، لأنه كان يعلم منهم نفقة المال في فساد،