قوله تعالى: (وقضينا إليه) أي أوحينا إلى لوط. (ذلك الامر أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين) نظيره " فقطع دابر القوم الذين ظلموا (1) ". " مصبحين " أي عند طلوع الصبح. وقد تقدم (2). (وجاء أهل المدينة) أي أهل مدينة لوط (يستبشرون) مستبشرين بالأضياف طمعا منهم في ركوب الفاحشة. (إن هؤلاء ضيفي) أي أضيافي.
(فلا تفضحون) أي تخجلون. (واتقوا الله ولا تخزون) يجوز أن يكون من الخزي وهو الذل والهوان، ويجوز أن يكون من الخزاية وهو الحياء والخجل. وقد تقدم في هود (2).
(قالوا أو لم ننهك عن العالمين) أي عن أن تضيف أحدا لأنا نريد منهم الفاحشة. وكانوا يقصدون بفعلهم الغرباء، عن الحسن. وقد تقدم في الأعراف (3). وقيل: أو لم ننهك عن أن تكلمنا في أحد من الناس إذا قصدناه بالفاحشة. (قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين) أي فتزوجوهن ولا تركنوا إلى الحرام. وقد تقدم بيان هذا في هود (2).
قوله تعالى: لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون (72) فيه ثلاث مسائل:
الأولى - قال القاضي أبو بكر بن العربي: قال المفسرون بأجمعهم أقسم الله تعالى ها هنا بحياة محمد صلى الله عليه وسلم تشريفا له، أن قومه من قريش في سكرتهم يعمهون وفى حيرتهم يترددون.
قلت: وهكذا قال القاضي عياض: أجمع أهل التفسير في هذا أنه قسم من الله جل جلاله بمدة حياة محمد صلى الله عليه وسلم. وأصله ضم العين من العمر ولكنها فتحت لكثرة الاستعمال.
ومعناه وبقائك يا محمد. وقيل: وحياتك. وهذا نهاية التعظيم وغاية البر والتشريف.
قال أبو الجوزاء: ما أقسم الله بحياة أحد غير محمد صلى الله عليه وسلم، لأنه أكرم البرية عنده.
قال ابن العربي: " ما الذي يمنع أن يقسم الله سبحانه وتعالى بحياة لوط ويبلغ به من التشريف