الدعاوي، فكان الله وارثا من هذا الوجه. وقيل: الاحياء في هذه الآية إحياء النطفة في الأرحام. فأما البعث فقد ذكره بعد هذا في قوله: " إن ربك هو يحشرهم ".
قوله تعالى: ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين (24) فيه ثلاث مسائل:
الأولى - قوله تعالى: ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين فيه ثمان تأويلات: الأول - " المستقدمين " في الخلق إلى اليوم، و " المستأخرين " الذين لم يخلقوا بعد، قاله قتادة وعكرمة وغيرهما. الثاني - " المستقدمين " الأموات، و " المستأخرين " الاحياء، قاله ابن عباس والضحاك. الثالث - " المستقدمين " من تقدم أمة محمد، و " المستأخرين " أمة محمد صلى الله عليه وسلم، قاله مجاهد. الرابع - " المستقدمين " في الطاعة والخير، و " المستأخرين " في المعصية والشر، قاله الحسن وقتادة أيضا. الخامس - " المستقدمين " في صفوف الحرب، و " المستأخرين " فيها، قاله سعيد بن المسيب.
السادس - " المستقدمين " من قتل في الجهاد، و " المستأخرين " من لم يقتل، قاله القرظي.
السابع: - " المستقدمين " أول الخلق، و " المستأخرين " آخر الخلق، قاله الشعبي.
الثامن - " المستقدمين " في صفوف الصلاة، و " المستأخرين " فيها بسبب النساء.
وكل هذا معلوم لله تعالى، فإنه عالم بكل موجود ومعدوم، وعالم بمن خلق وما هو خالقه إلى يوم القيامة. إلا أن القول الثامن هو سبب نزول الآية، لما رواه النسائي والترمذي عن أبي الجوزاء عن ابن عباس قال: " كانت امرأة تصلى خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم حسناء من أحسن الناس، فكان بعض القوم يتقدم حتى يكون في الصف الأول لئلا يراها، ويتأخر بعضهم حتى يكون في الصف المؤخر، فإذا ركع نظر من تحت إبطه، فأنزل الله عز وجل " ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين ". وروى عن أبي الجوزاء ولم يذكر ابن عباس. وهو أصح (1).