قوله تعالى: (الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب) قال ابن مسعود: عقارب أنيابها كالنخل الطوال، وحيات مثل أعناق الإبل، وأفاعي كأنها البخاتي (1) تضربهم، فتلك الزيادة. وقيل: المعنى يخرجون من النار إلى الزمهرير فيبادرون من شدة برده إلى النار. وقيل: المعنى زدنا القادة عذابا فوق السفلة، فأحد العذابين على كفرهم والعذاب الآخر على صدهم. (بما كانوا يفسدون) في الدنيا من الكفر والمعصية.
قوله تعالى: ويوم نبعث من كل أمة شهيدا عليكم من أنفسكم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ونزلنا عليك الكتب تبينا لكل شئ وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين (89) قوله تعالى: (ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليكم من أنفسكم) وهم الأنبياء شهداء على أممهم يوم القيامة بأنهم قد بلغوا الرسالة ودعوهم إلى الايمان، في كل زمان شهيد وإن لم يكن نبيا، وفيهم قولان: أحدهما - أنهم أئمة الهدى الذين هم خلفاء الأنبياء. الثاني - أنهم العلماء الذين حفظ الله بهم شرائع أنبيائه.
قلت: فعلى هذا لم تكن فترة إلا وفيها من يوحد الله، كقس بن ساعدة، وزيد بن عمرو ابن نفيل الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: " يبعث أمة وحده "، وسطيح (2)، وورقة ابن نوفل الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: " رأيته ينغمس في أنهار الجنة ". فهؤلاء ومن كان مثلهم حجة على أهل زمانهم وشهيد عليهم. والله أعلم. وقوله: " وجئنا بك شهيدا على هؤلاء " تقدم في البقرة والنساء (3).
قوله تعالى: (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ) نظيره: " ما فرطنا في الكتاب من شئ (4) " وقد تقدم، فلينظر هناك. وقال مجاهد: تبيانا للحلال والحرام.