" ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون (1) " وقال: " فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان (2) "، وقال: " ولا يكلمهم (3) الله "، وقال: " إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون (4) ". قلنا: القيامة مواطن، فموطن يكون فيه سؤال وكلام، موطن لا يكون ذلك فيه. قال عكرمة: القيامة مواطن، يسأل في بعضها ولا يسأل في بعضها. وقال ابن عباس: لا يسألهم سؤال استخبار واستعلام هل عملتم كذا وكذا، لان الله عالم بكل شئ، ولكن يسألهم سؤال تقريع وتوبيخ فيقول لهم: لم عصيتم القرآن وما حجتكم فيه؟ واعتمد قطرب هذا القول. وقيل: " لنسألنهم أجمعين " يعنى المؤمنين المكلفين، بيانه قوله تعالى: " ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم (5) ". والقول بالعموم أولى كما ذكر. والله أعلم.
قوله تعالى، فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين (94) إنا كفيناك المستهزئين (95) قوله تعالى: (فاصدع بما تؤمر) أي بالذي تؤمر به، أي بلغ رسالة الله جميع الخلق لتقوم الحجة عليهم، فقد أمرك الله بذلك. والصدع: الشق. وتصدع القوم أي تفرقوا، ومنه " يومئذ يصدعون (6) " أي يتفرقون. وصدعته فانصدع أي انشق. أصل الصدع الفرق والشق. قال أبو ذؤيب يصف الحمار وأتنه:
وكأنهن ربابة وكأنه * يسر يفيض على القداح ويصدع (7) أي يفرق ويشق. فقوله: " اصدع بما تؤمر " قال الفراء: أراد فاصدع بالامر، أي أظهر دينك، ف " ما " مع الفعل على هذا بمنزلة المصدر. وقال ابن الأعرابي: معنى اصدع بما تؤمر، أي اقصد. وقيل: " فاصدع بما تؤمر " أي فرق جمعهم وكلمتهم بأن تدعوهم إلى التوحيد فإنهم يتفرقون بأن يجيب البعض، فيرجع الصدع على هذا إلى صدع جماعة الكفار.