قوله تعالى: (ربكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر) الازجاء: السوق، ومنه قوله تعالى: " ألم تر أن الله يزجى سحابا (1) ". وقال الشاعر: (2) يا أيها الراكب المزجى مطيته * وسائل بنى أسد ما هذه الصوت وإزجاء الفلك: سوقه بالريح اللينة. والفلك هنا جمع، وقد تقدم (3). والبحر الماء الكثير عذبا كان أو ملحا، وقد غلب هذا الاسم على المشهور (4) وهذه الآية توقيف على آلاء الله وفضله عند عباده، أي ربكم الذي أنعم عليكم بكذا وكذا فلا تشركوا به شيئا. (لتبتغوا من فضله) أي في التجارات. وقد تقدم (3). (إنه كان بكم رحيما).
قوله تعالى: وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الانسان كفورا (67) قوله تعالى: (وإذا مسكم الضر في البحر) " الضر " لفظ يعم خوف الغرق والامساك عن الجرى. وأهوال حالاته اضطرابه وتموجه. (ضل من تدعون إلا إياه) " ضل " معناه تلف وفقد، وهي عبارة تحقير لمن يدعى إلها من دون الله. المعنى في هذه الآية:
أن الكفار إنما يعتقدون في أصنامهم أنها شافعة، وأن لها فضلا. وكل واحد منهم بالفطرة يعلم علما لا يقدر على مدافعته أن الأصنام لا فعل لها في الشدائد العظام، فوقفهم الله من ذلك على حالة البحر حيث تنقطع الحيل. (فلما نجاكم إلى البر أعرضتم) أي عن الاخلاص.
(وكان الانسان كفورا) الانسان هنا الكافر. وقيل: وطبع الانسان كفورا للنعم إلا من عصمه الله، فالانسان لفظ الجنس.
قوله تعالى: أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا ثم لا تجدوا لكم وكيلا (68)