غرق الكفار. وهذه الآية أيضا يعطى احتمال ألفاظها نحو هذا في الذين لم تصلهم رسالة، وهم أهل الفترات الذين قد قدر وجودهم بعض أهل العلم. وأما ما روى من أن الله تعالى يبعث إليهم يوم القيامة وإلى المجانين والأطفال فحديث لم يصح، ولا يقتضى ما تعطيه الشريعة من أن الآخرة ليست دار تكليف. قال المهدوي: وروى عن أبي هريرة أن الله عز وجل يبعث يوم القيامة رسولا إلى أهل الفطرة والأبكم والأخرس والأصم، فيطيعه منهم من كان يريد أن يطيعه في الدنيا، وتلا الآية، رواه معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة، ذكره النحاس.
قلت: هذا موقوف، وسيأتي مرفوعا في آخر سورة طه إن شاء الله تعالى، ولا يصح.
وقد استدل قوم في أن أهل الجزائر إذا سمعوا بالاسلام وآمنوا فلا تكليف عليهم فيما مضى، وهذا صحيح، ومن لم تبلغه الدعوة فهو غير مستحق للعذاب من جهة العقل، والله أعلم.
قوله تعالى: وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا (16) فيه ثلاث مسائل:
الأولى - أخبر الله تعالى في الآية التي قبل أنه لم يهلك القرى قبل ابتعاث الرسل، لا لأنه يقبح منه ذلك إن فعل، ولكنه وعد منه، وخلف في وعده. فإذا أراد إهلاك قرية مع تحقيق وعده على ما قاله تعالى أمر مترفيها بالفسق (1) والظلم فيها فحق عليها القول بالتدمير.
يعلمك أن من هلك (فإنما) هلك بإرادته، فهو الذي يسبب الأسباب ويسوقها إلى غاياتها ليحق القول السابق من الله تعالى.
الثانية - قوله تعالى: (أمرنا) قرأ أبو عثمان النهدي وأبو رجاء وأبو العالية، والربيع ومجاهد والحسن " أمرنا " بالتشديد، وهي قراءة على رضي الله عنه، أي سلطنا شرارها فعصوا فيها، فإذا فعلوا ذلك أهلكناهم. وقال أبو عثمان النهدي " أمرنا " بتشديد الميم، جعلناهم