قلت: وفى حديث هرقل الحديث الصحيح: " لقد أمر أمر، ابن أبي كبشة (1)، ليخافه ملك بنى الأصفر " أي كثر. وكله غير متعد ولذلك أنكره الكسائي، والله أعلم. قال المهدوي:
ومن قرأ " أمر " فهي لغة، ووجه تعدية " أمر " أنه شبهه بعمر من حيث كانت الكثرة أقرب شئ إلى العمارة، فعدى كما عدى عمر.
(2) الباقون " أمرنا " من الامر، أي أمرناهم بالطاعة إعذارا وإنذارا وتخويفا ووعيدا. (ففسقوا) أي فأخرجوا عن الطاعة عاصين لنا. (فحق عليهم القول) فوجب عليها الوعيد، عن ابن عباس. وقيل: " أمرنا " جعلناهم أمراء، لان العرب تقول: أمير غير مأمور، أي غير مؤمر. وقيل: معناه بعثنا مستكبريها. قال هارون:
وهي قراءة أ، بزي " بعثنا أكابر مجرميها ففسقوا " ذكره الماوردي. وحكى النحاس: وقال هارون في قراءة أبى: " وإذا أردنا أن نهلك قرية بعثنا فيها أكابر مجرميها فمكروا فيها فحق عليها القول ". ويجوز أن يكون " أمرنا " بمعنى أكثرنا، ومنه " خير المال مهرة مأمورة " على ما تقدم. وقال قوم: مأمورة اتباع لمأبورة، كالغدايا والعشايا. وكقوله: " ارجعن مأزورات غير مأجورات ". وعلى هذا لا يقال: أمرهم الله، بمعنى كثرهم، بل يقال: آمره وأمره. واختار أبو عبيد وأبو حاتم قراءة العامة. قال أبو عبيد: وإنما اخترنا " أمرنا " لان المعاني الثلاثة تجتمع فيها من الامر والامارة والكثرة. والمترف: المنعم، وخصوا بالامر لان غيرهم تبع لهم.
الثالثة - قوله تعالى: (فدمرناها) أي استأصلناها بالهلاك. (تدميرا) ذكر المصدر للمبالغة في العذاب الواقع بهم. وفى الصحيح (3) من حديث بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فزعا محمرا وجهه يقول: " لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه " وحلق بإصبعه الابهام والتي تليها. قالت: فقلت يا رسول الله، أنهلك وفينا