إلا على حديثين: أحدهما: أن ابن عمر مر بقوم يأكلون تمرا فقال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاقتران إلا أن يستأذن الرجل أخاه. الثاني - حديث أبي عبيدة في جيش الخبط (1). وهذا دون الأول في الظهور، لأنه يحتمل أن يكون أبو عبيدة يعطيهم كفافا من ذلك القوت ولا يجمعهم عليه.
قلت: ومما يدل على خلاف هذا من الكتاب قوله تعالى: " وإن تخالطوهم فإخوانكم " وقوله: " ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا (2) " على ما يأتي إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى: وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنينا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا (21) قوله تعالى: (وكذلك أعثرنا عليهم) أي أطلعنا عليهم وأظهرناهم. و " أعثر " تعدية عثر بالهمزة، وأصل العثار في القدم. (ليعلموا أن وعد الله حق) يعنى الأمة المسلمة الذين بعث أهل الكهف على عهدهم. وذلك أن دقيانوس مات ومضت قرون وملك أهل تلك الدار رجل صالح، فاختلف أهل بلده في الحشر وبعث الأجساد من القبور، فشك في ذلك بعض الناس واستبعدوه وقالوا: إنما تحشر الأرواح والجسد تأكله الأرض. وقال بعضهم:
تبعث الروح والجسد جميعا، فكبر ذلك على الملك وبقى حيران لا يدرى كيف يتبين أمره لهم، حتى لبس المسوح وقعد على الرماد وتضرع إلى الله تعالى في حجة وبيان، فأعثر الله على أهل الكهف، فيقال: إنهم لما بعثوا أحدهم بورقهم إلى المدينة ليأتيهم برزق منها استنكر شخصه واستنكرت دراهمه (3) لبعد العهد، فحمل إلى الملك وكان صالحا قد آمن من معه، فلما