ترتيلها وتحسينها وتطييبها بالصوت الحسن ما أمكن من غير تلحين ولا تطريب مؤد (1) إلى تغيير لفظ القرآن بزيادة أو نقصان فإن ذلك حرام على ما تقدم أول (2) الكتاب. وأجمع القراء على ضم الميم من " مكث " إلا ابن محيصن فإنه قرأ " مكث " بفتح الميم. ويقال: مكث ومكت ومكث، ثلاث لغات. قال مالك: " على مكث " على تثبت وترسل (3). قوله تعالى: (ونزلناه تنزيلا) مبالغة وتأكيد بالمصدر للمعنى المتقدم، أي أنزلناه نجما بعد نجم (4)، ولو أخذوا بجميع الفرائض في وقت واحد لنفروا.
قوله تعالى: قل آمنوا به أو لا تؤمنوا إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا (107) قوله تعالى: (قل آمنوا به أو لا تؤمنوا) يعنى القرآن. وهذا من الله عز وجل على وجه التبكيت لهم والتهديد لا على وجه التخيير. (إن الذين أوتوا العلم من قبله) أي من قبل نزول القرآن وخروج النبي صلى الله عليه وسلم، وهم مؤمنو أهل الكتاب، في قول ابن جريج وغيره. قال ابن جريج: معنى (إذا يتلى عليهم) كتابهم. وقيل القرآن. (يخرون للأذقان سجدا) قيل: هم قوم من ولد إسماعيل تمسكوا بدينهم إلى أن بعث الله تعالى النبي عليه السلام، منهم زيد بن عمرو بن نفيل وورقة بن نوفل. وعلى هذا ليس يريد أوتوا الكتاب بل يريد أوتوا علم الدين. وقال الحسن: الذين أوتوا العلم أمة محمد صلى الله عليه وسلم. وقال مجاهد:
إنهم ناس من اليهود، وهو أظهر لقوله " من قبله ". " إذا يتلى عليهم " يعنى القرآن في قول مجاهد. كانوا إذا سمعوا ما أنزل الله تعالى من القرآن سجدوا وقالوا: " سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا ". وقيل: كانوا إذا تلوا كتابهم وما أنزل عليه من القرآن خشعوا وسجدوا وسبحوا، وقالوا: هذا هو المذكور في التوراة، وهذه صفته، ووعد الله به واقع لا محالة، وجنحوا إلى الاسلام، فنزلت الآية فيهم. وقالت فرقة: المراد بالذين أوتوا العلم من قبله