وروى أيضا عن أسماء قالت: أتتني أمي راغبة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فسألت النبي صلى الله عليه وسلم أأصلها؟ قال: " نعم ". قال ابن عينية: فأنزل الله عز وجل فيها:
" لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين " الأول معلق والثاني مسند.
الثامنة - من الاحسان إليهما والبر بهما إذا لم يتعين الجهاد ألا يجاهد إلا بإذنهما.
روى الصحيح عن عبد الله بن عمرو قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد فقال: " أحي والداك "؟ قال نعم. قال: " ففيهما فجاهد ". لفظ مسلم. في غير الصحيح قال: نعم، وتركتهما يبكيان. قال: " اذهب فأضحكهما كما أبكيتهما ". وفى خبر آخر أنه قال: " نومك مع أبويك على فراشهما يضاحكانك ويلاعبانك أفضل لك من الجهاد معي ". ذكره ابن خويز منداد. ولفظ البخاري في كتاب بر الوالدين: أخبرنا أبو نعيم أخبرنا سفيان عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يبايعه على الهجرة، وترك أبويه يبكيان فقال: " ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما ".
قال ابن المنذر: في هذا الحديث النهى عن الخروج بغير إذن الأبوين ما لم يقع النفير، فإذا وقع وجب الخروج على الجميع. وذلك بين في حديث أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث جيش الامراء...، فذكر قصة زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وابن رواحة وأن منادى رسول الله صلى الله عليه وسلم نادى بعد ذلك: أن الصلاة جامعة، فاجتمع الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: " أيها الناس، اخرجوا فأمدوا (1) إخوانكم ولا يتخلفن أحد " فخرج الناس مشاة وركبانا في حر شديد. فدل قوله: " اخرجوا فأمدوا إخوانكم " أن العذر في التخلف عن الجهاد إنما هما لم يقع النفير، مع قوله عليه السلام: " فإذا استنفرتم فانفروا ".
قلت: وفى هذه الأحاديث دليل على أن المفروض أو المندوبات متى اجتمعت قدم الأهم منها. وقد استوفى هذا المعنى المحاسبي في كتاب الرعاية.
التاسعة - واختلفوا في الوالدين المشركين هل يخرج بإذنهما إذا كان الجهاد من فروض الكفاية، فكان الثوري يقول: لا يغزو إلا بإذنهما. وقال الشافعي: له أن يغزو