في الثالثة - في هذه الآية دليل على جواز السفر بالدواب وحمل الأثقال عليها. ولكن على قدر ما تحتمله من غير إسراف في الحمل مع الرفق في السير. وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالرفق بها والإراحة لها ومراعاة التفقد لعلفها وسقيها. وروى مسلم من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حظها من الأرض وإذا سافرتم في السنة فبادروا بها نقيها (1) " رواه مالك في الموطأ عن أبي عبيد عن خالد بن معدان. وروى معاوية بن قرة قال كان لأبي الدرداء جمل يقال له دمون، فكان يقول: يا دمون، لا تخاصمني عند ربك. فالدواب عجم لا تقدر أن تحتال لنفسها ما تحتاج إليه، ولا تقدر أن تفصح بحوائجها، فمن ارتفق بمرافقها ثم ضيعها من حوائجها فقد ضيع الشكر وتعرض للخصومة بين يدي الله تعالى. وروى مطر بن محمد قال: حدثنا أبو داود قال حدثنا ابن خالد قال حدثنا المسيب بن آدم قال. رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه ضرب جمالا وقال: تحمل على بعيرك ما لا يطيق؟.
قوله تعالى: والخيل والبغال والحمير لتركبوها ورزينة ويخلق ما لا تعلمون (8) فيه ثلاث مسائل: الأولى - قوله تعالى: " والخيل " بالنصب معطوف، أي وخلق الخيل. وقرأ ابن أبي عبلة " والخيل والبغال والحمير " بالرفع فيها كلها. وسميت الخيل خيلا لاختيالها في المشية. وواحد الخيل خائل، كضائن واحد ضين. وقيل لا واحد له. وقد تقدم هذا في آل عمران (2)، وذكرنا الأحاديث هناك. ولما أفرد سبحانه الخيل والبغال والحمير بالذكر