عضوة فنقصت الواو، ولذلك جمعت عضين، كما قالوا: عزين في جمع عزة، والأصل عزوة. وكذلك ثبة وثبين. ويرجع المعنى إلى ما ذكرناه في المقتسمين. قال ابن عباس:
آمنوا ببعض وكفروا ببعض. وقيل: فرقوا أقاويلهم فيه فجعلوه كذبا وسحرا وكهانة وشعرا.
عضوته أي فرقته. قال الشاعر - هو رؤبة -:
* وليس دين الله بالمعضى * أي بالمفرق. ويقال: نقصانه الهاء وأصله عضهة، لان العضه والعضين في لغة قريش السحر. وهم يقولون للساحر: عاضه وللساحرة عاضهة. قال الشاعر:
أعوذ بربي من النافثات * في عقد العاضه المعضه وفى الحديث: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم العاضهة والمستعضهة، وفسر: الساحرة والمستسحرة. والمعنى: أكثروا البهت على القرآن ونوعوا الكذب فيه، فقالوا: سحر وأساطير الأولين، وأنه مفترى، إلى غير ذلك. ونظير عضة في النقصان شفة، والأصل شفهة.
كما قالوا: سنة، والأصل سنهة، فنقصوا الهاء الأصلية وأثبتت هاء العلامة وهي للتأنيث.
وقيل: هو من العضه وهي النميمة. والعضيهة البهتان، وهو أن يعضه الانسان ويقول فيه ما ليس فيه. يقال عضهه عضها رماه بالبهتان. وقد أعضهت أي جئت بالبهتان. قال الكسائي: العضة الكذب والبهتان، وجمعها عضون، مثل عزة وعزون، قال تعالى:
" الذين جعلوا القرآن عضين ". ويقال: عضوه أي آمنوا بما أحبوا منه وكفروا بالباقي، فأحب كفرهم إيمانهم. وكان الفراء يذهب إلى أنه مأخوذ من العضاة، وهي شجر الوادي ويخرج كالشوك.
قوله تعالى: فوربك لنسألنهم أجمعين (92) عما كانوا يعملون (93) قوله تعالى: (فوربك لنسألنهم أجمعين) أي لنسألن هؤلاء الذين جرى ذكرهم عما عملوا في الدنيا. وفى البخاري: وقال عدة من أهل العلم في قوله: " فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون " عن لا إله إلا الله.