قلت: ومن هذا المعنى ما ذكر البيهقي عن الشعبي قال: إن لله عبادا من وراء الأندلس كما بينا وبين الأندلس، ما يرون أن الله عصاه مخلوق، رضراضهم (1) الدر والياقوت وجبالهم الذهب والفضة، لا يحرثون (2) ولا يزرعون ولا يعملون عملا، لهم شجر على أبوابهم لها ثمر هي طعامهم وشجر لها أوراق عراض هي لباسهم، ذكره في بدء الخلق من (كتاب الأسماء والصفات). وخرج من حديث موسى بن عقبة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله من حملة العرش ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام ".
قوله تعالى: وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين (9) قوله تعالى: (وعلى الله قصد السبيل) أي على الله بيان قصد السبيل، فحذف المضاف وهو البيان. والسبيل: السلام، أي على الله بيانه بالرسل والحجج والبراهين. وقصد السبيل: استعانة الطريق، يقال: طريق قاصد أي يؤدى إلى المطلوب. (ومنها جائز) أي ومن السبيل جائر، أي عادل عن الحق فلا يهتدى به، ومنه قول امرئ القيس:
ومن الطريقة جائر وهدى * قصد السبيل ومنه ذو دخل وقال طرفة:
عدولية أو من سفين ابن يا من * يجور بها الملاح طورا ويهتدى العدولية سفينة منسوبة إلى عد ولى قرية بالبحرين. والعدولي: الملاح، قاله في الصحاح.
وفى التنزيل " وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل ". وقد تقدم (3). وقيل:
المعنى ومنهم جائر عن سبيل الحق، أي عادل عنه فلا يهتدى إليه. وفيهم قولان، أحدهما - أنهم أهل الأهواء المختلفة، قاله ابن عباس. الثاني - ملل الكفر من اليهودية والمجوسية