تفسير القرطبي - القرطبي - ج ١٠ - الصفحة ٢٨٨
قوله تعالى: قال (اذهب) هذا أمر إهانة، أي اجهد جهدك فقد أنظرناك أي أطاعك من ذرية آدم. (فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا) أي وافرا، عن مجاهد وغيره. وهو نصب على المصدر، يقال: وفرته أفره وفرا، ووفر المال بنفسه يفر وفورا فهو وافر، فهو لازم ومتعد.
قوله تعالى: واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا (64) فيه ست مسائل:
الأولى - قوله تعالى: (واستفزز) أي استزل واستخف. وأصله القطع، ومنه تفزز الثوب إذا انقطع (1). والمعنى استزله بقطعك إياه عن الحق. واستفزه الخوف أي استخفه.
وقعد مستفزا أي غير مطمئن. " واستفزز " أمر تعجيز، أي أنت لا تقدر على إضلال أحد، وليس لك على أحد سلطان فافعل ما شئت. الثانية - قوله تعالى: (بصوتك) وصوته كل داع يدعو إلى معصية الله تعالى، عن ابن عباس. مجاهد: الغناء والمزامير واللهو. الضحاك: صوت المزمار. وكان آدم عليه السلام أسكن أولادها بيل أعلى الجبل، وولد قابيل أسفله، وفيهم بنات حسان، فزمر اللعين فلم يتمالكوا أن انحدروا فزنوا ذكره الغزنوي. وقيل: " بصوتك " بوسوستك.
الثالثة - قوله تعالى: (وأجلب عليهم بخيلك ورجلك) أصل الاجلاب السوق بجلبة من السائق، يقال: أجلب إجلابا. والجلب والجلبة: الأصوات، تقول منه: جلبوا بالتشديد. وجلب الشئ يجلبه ويجلبه جلبا وجلبا. وجلبت الشئ إلى نفسي واجتلبته بمعنى.
وأجلب على العدو إجلابا، أي جمع عليهم. فالمعنى أجمع عليهم كل ما تقدر عليه من مكايدك.

(1) لم نجد في كتب اللغة " تفزز الثوب " بزايين بهذا المعنى، وإنما هو " تفزر " بزاي ثم راء. فليلاحظ.
(٢٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 ... » »»
الفهرست