قال: يرحم الله معاذا! كان أمة قانتا. فقيل له: يا أبا عبد الرحمن، إنما ذكر الله عز وجل بهذا إبراهيم عليه السلام. فقال ابن مسعود: إن الأمة الذي يعلم الناس الخير، وإن القانت هو المطيع. وقد تقدم القنوت في البقرة (1) و " حنيفا " في الانعام (2).
قوله تعالى: (شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم (121) وآتيناه في الدنيا حسنة. إنه في الآخرة لمن الصالحين (122) قوله تعالى: (شاكرا) أي كان شاكرا. (لأنعمه) الانعام جمع نعمة. وقد تقدم. (واجتباه) أي اختاره. (وهداه إلى صراط مستقيم. وآتيناه في الدنيا حسنة) قيل: الولد الطيب. وقيل الثناء الحسن. وقيل: النبوة. وقيل: الصلاة مقرونة بالصلاة على محمد عليه السلام في التشهد. وقيل: إنه ليس أهل دين إلا وهم يتولونه. وقيل: بقاء ضيافته وزيارة قبره. وكل ذلك أعطاه الله وزاده صلى الله عليه وسلم. (وإنه في الآخرة لمن الصالحين). " من " بمعنى مع، أي مع الصالحين، لأنه كان في الدنيا أيضا مع الصالحين.
وقد تقدم هذا في البقرة (3) قوله تعالى: ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين (123) قال ابن عمر: أمر باتباعه في مناسك الحج كما علم إبراهيم جبريل عليهما السلام. وقال الطبري: أمر باتباعه في التبرؤ من الأوثان والتزين بالاسلام. وقيل: أمر باتباعه في جميع ملته إلا ما أمر بتركه، قاله بعض أصحاب الشافعي على ما حكاه الماوردي. والصحيح الاتباع في عقائد الشرع دون الفروع، لقوله تعالى: " لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا (4) ".