كما أخبر عن نفسه بلا كيف. وليس إقعاده محمدا على العرش موجبا له صفة الربوبية أو مخرجا له عن صفة العبودية، بل هو رفع لمحله وتشريف له على خلقه. وأما قوله في الاخبار:
" معه " فهو بمنزلة قوله: " إن الذين عند ربك (1) "، و " رب ابن لي عندك بيتا في الجنة (2) ".
" وإن الله لمع المحسنين (3) " ونحو ذلك. كل ذلك عائد إلى الرتبة والمنزلة والحظوة والدرجة الرفيعة، لا إلى المكان.
الرابع - إخراجه من النار بشفاعته من يخرج، قاله جابر بن عبد الله. ذكره مسلم.
وقد ذكرناه في (كتاب التذكرة) والله الموفق.
السادسة - اختلف العلماء في كون القيام بالليل سببا للمقام المحمود على قولين:
أحدهما: أن البارئ تعالى يجعل ما شاء من فعله سببا لفضله من غير معرفه بوجه الحكمة فيه، أو بمعرفة وجه الحكمة. الثاني: أن قيام الليل فيه الخلوة مع البارئ والمناجاة دون الناس، فأعطى الخلوة به ومناجاته في قيامه وهو المقام المحمود. ويتفاضل فيه الخلق بحسب درجاتهم، فأجلهم فيه درجة محمد صلى الله عليه وسلم، فإنه يعطى ما لا يعطى أحد ويشفع ما لا يشفع أحد. و " عسى " من الله عز وجل واجبة. و " مقاما " نصب على الظرف. أي في مقام أو إلى مقام. وذكر الطبري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " المقام المحمود هو المقام الذي أشفع فيه لامتي ". فالمقام الموضع الذي يقوم فيه الانسان للأمور الجليلة كالمقامات بين يدي الملوك.
قوله تعالى: وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطنا نصيرا (80) قيل: المعنى أمتني إماتة صدق، وابعثني يوم القيامة مبعث صدق، ليتصل بقوله:
" عسى أن يبعثك ربك مقام محمودا ". كأنه لما وعده ذلك أمره أن يدعو لينجز له