قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والأحسن وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون (90) فيه ست مسائل:
الأولى - قوله تعالى: (إن الله يأمر بالعدل والاحسان) روى عن عثمان بن مظعون أنه قال: لما نزلت هذه الآية قرأتها على علي بن أبي طالب رضي الله عنه فتعجب فقال:
يا آل غالب، اتبعوه تفلحوا، فوالله إن الله أرسله ليأمركم بمكارم الأخلاق. وفى حديث - إن أبا طالب لما قيل له: إن ابن أخيك زعم أن الله أنزل عليه " إن الله يأمر بالعدل والاحسان " الآية، قال: اتبعوا ابن أخي، فوالله إنه لا يأمر إلا بمحاسن الأخلاق.
وقال عكرمة: قرأ النبي صلى الله عليه وسلم على الوليد بن المغيرة " إن الله يأمر بالعدل والاحسان " إلى آخرها، فقال: يا بن أخي أعد! فأعاد عليه فقال: والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أصله لمورق، وأعلاه لمثمر، وما هو بقول بشر!. وذكر الغزنوي أن عثمان بن مظعون هو القارئ. قال عثمان: ما أسلمت ابتداء إلا حياء من رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلت هذه الآية وأنا عنده فاستقر الايمان في قلبي، فقرأتها على الوليد بن المغيرة فقال: يا بن أخي أعد! فأعدت فقال: والله إن له لحلاوة،... وذكر تمام الخبر. وقال ابن مسعود: هذه أجمع آية في القرآن لخير يمتثل، ولشر يجتنب. وحكى النقاش قال: يقال زكاة العدل الاحسان، وزكاة القدرة العفو، وزكاة الغنى المعروف، وزكاة الجاه كتب الرجل إلى إخوانه.
الثانية - اختلف العلماء في تأويل العدل والاحسان، فقال ابن عباس: العدل لا إله إلا الله، والاحسان أداء الفرائض. وقيل: العدل الفرض، والاحسان النافلة. وقال سفيان بن عيينة: العدل ها هنا استواء السريرة، والاحسان أن تكون السريرة أفضل من العلانية. علي بن أبي طالب: العدل الانصاف، والاحسان التفضل. قال ابن عطية: