فكان يعرض عنهم رغبة في الاجر في منعهم لئلا يعينهم على فسادهم. وقال عطاء الخراساني في قوله تعالى " وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها " قال: ليس هذا في ذكر الوالدين، جاء ناس من مزينة إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستحملونه، فقال: " لا أجد ما أحملكم عليه " فتولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا، فأنزل الله تعالى: " وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها ". والرحمة الفئ (1). الثالثة - قوله تعالى: (فقل لهم قولا ميسورا) أمره بالدعاء لهم، أي يسر فقرهم عليهم بدعائك لهم. وقيل: ادع لهم دعاء يتضمن الفتح لهم والاصلاح. وقيل: المعنى " وإما تعرضن " أي إن أعرضت يا محمد عن إعطائهم لضيق يد فقل لهم قولا ميسورا، أي أحسن القول وأبسط العذر، وادع لهم بسعة الرزق، وقل إذا وجدت فعلت وأكرمت، فإن ذلك يعمل في مسرة نفسه عمل المواساة. وكان عليه الصلاة والسلام إذا سئل وليس عنده ما يعطى سكت انتظارا لرزق يأتي من الله سبحانه وتعالى كراهة الرد، فنزلت هذه الآية، فكان صلى الله عليه وسلم إذا سئل وليس عنده ما يعطى قال: " يرزقنا الله وإياكم من فضله ". فالرحمة على هذا التأويل الرزق المنتظر. وهذا قول ابن عباس ومجاهد وعكرمة.
و " قولا ميسورا " أي لينا لطيفا طيبا، مفعول بمعنى الفاعل، من لفظ اليسر كالميمون، أي وعدا جميلا، على ما بيناه. ولقد أحسن من قال:
إلا تكن ورق يوما أجود بها * للسائلين فإني لين العود لا يعدم السائلون الخير من خلقي * إما نوالى وإما حسن مردودي تقول: يسرت لك كذا إذا أعددته.
قوله تعالى: ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا (29)