آية، فلم يبل لهم ثوب ولم تغير صفة، ولم ينكر الناهض إلى المدينة إلا معالم الأرض والبناء، ولو كانت في نفسه حالة ينكرها لكانت عليه أهم. وقرأ نافع وابن كثير وابن عباس وأهل مكة والمدينة " لملئت منهم " بتشديد اللام على تضعيف المبالغة، أي ملئت ثم ملئت. وقرأ الباقون " لملئت " بالتخفيف، والتخفيف أشهر في اللغة. وقد جاء التثقيل في قول المخبل السعدي:
وإذ فتك النعمان بالناس محرما * فملئ من كعب بن عوف سلاسله وقرأ الجمهور " رعبا " بإسكان العين. وقرأ بضمها أبو جعفر. قال أبو حاتم: هما لغتان.
و " فرأوا " نصب على الحال و " رعبا " مفعول ثان أو تمييز. قوله تعالى: وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا (19) إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا (20) قوله تعالى: (وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم) البعث: التحريك عن سكون.
والمعنى: كما ضربنا على آذانهم وزدناهم هدى وقلبناهم بعثناهم أيضا، أي أيقظناهم من نومهم على ما كانوا عليهم من هيئتهم في ثيابهم وأحوالهم. قال الشاعر:
وفتيان صدق قد بعثت بسحرة * فقاموا جميعا بين عاث ونشوان (1) أي أيقظت واللام في قوله " ليتساءلوا " لام الصيرورة وهي لام العاقبة، كقوله " ليكون لهم عدوا وحزنا " فبعثهم لم سكن لأجل تساؤلهم.