الجراحة وإن كان يطلب الشهادة، وليس للعبد (1) أن يطلبها بأن يستسلم للحتوف وللطعن بالسنان وللضرب بالسيوف، ولكنه يلبس لامة (2) حرب لتكون له قوة على قتال عدوه، ويقاتل لتكون كلمة الله هي العليا، ويفعل الله بعد ما يشاء.
السادسة - قوله تعالى: (كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون) قرأ ابن محيصن وحميد " تتم " بتاءين، " نعمته " رفعا على أنها الفاعل. الباقون " يتم " بضم الياء على أن الله هو يتمها. و " تسلمون " قراءة ابن عباس وعكرمة " تسلمون " بفتح التاء واللام، أي تسلمون من الجراح، وإسناده ضعيف، رواه عباد بن العوام عن حنظلة عن شهر عن ابن عباس.
الباقون بضم التاء، ومعناه تستسلمون وتنقادون إلى معرفة الله وطاعته شكرا على نعمه. قال أبو عبيد: والاختيار قراءة العامة، لان ما أنعم الله به علينا من الاسلام أفضل مما أنعم به من السلامة من الجراح.
قوله تعالى: فإن تولوا فإنما عليك البلغ المبين (82) قوله تعالى: (فإن تولوا) أي أعرضوا عن النظر والاستدلال والايمان.
(فإنما عليك البلاغ) أي ليس عليك إلا التبليغ، وأما الهداية فإلينا.
قوله تعالى: يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون (83) قوله تعالى: (يعرفون نعمت الله) قال السدى: يعنى محمدا صلى الله عليه وسلم، أي يعرفون بوته " ثم ينكرونها " ويكذبونه. وقال مجاهد: يريد ما عدد الله عليهم في هذه السورة من النعم، أي يعرفون أنها من عند الله وينكرونها بقولهم إنهم ورثوا ذلك عن آبائهم. وبمثله قال قتادة. وقال عون بن عبد الله: هو قول الرجل لولا فلان لكان كذا، ولولا فلان ما أصبت كذا، وهم يعرفون النفع والضر من عند الله. وقال الكلبي: هو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عرفهم بهذه النعم كلها عرفوها وقالوا: نعم، هي كلها نعم من الله، ولكنها