النار يسجرون * ثم قيل لهم أين ما كنتم تشركون * من دون الله قالوا ضلوا عنا بل لم نكن ندعوا من قبل شيئا كذلك يضل الله الكافرين * ذلكم بما كنتم تفرحون فى الارض بغير الحق وبما كنتم تمرحون * ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين) * اعلم أنه تعالى عاد إلى ذم الذين يجادلون في آيات الله فقال: * (ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون) * وهذا ذم لهم على أن جادلوا في آيات الله ودفعها والتكذيب بها، فعجب تعالى منهم بقوله * (أنى يصرفون) * كما يقول الرجل لمن لا يبين: أنى يذهب بك تعجبا من غفلته، ثم بين أنهم هم * (الذين كذبوا بالكتاب) * أي بالقرآن * (وبما أرسلنا به رسلنا) * من سائر الكتب، فإن قيل سوف للاستقبال، وإذ للماضي فقوله * (فسوف يعلمون، إذ الأغلال في أعناقهم) * مثل قولك: سوف أصوم أمس قلنا المراد من قوله * (إذ) * هو إذا، لأن الأمور المستقبلة لما كان في أخبار الله تعالى متيقنة مقطوعا بها عبر عنها بلفظ ما كان ووجد، والمعنى على الاستقبال، هذا لفظ صاحب " الكشاف ".
ثم إنه تعالى وصف كيفية عقابهم فقال: * (إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون، في الحميم) * والمعنى: أنه يكون في أعناقهم الأغلال والسلاسل، ثم يسحبون بتلك السلاسل في الحميم، أي في الماء المسخن بنار جهنم * (ثم في النار يسجرون) * والسجر في اللغة الإيقاد في التور، ومعناه أنهم في النار فهي محيطة بهم، ويقرب منه قوله تعالى: * (نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة) * (الهمزة: 6، 7) * (ثم قيل لهم أين ما كنتم تشركون من دون الله) * فيقولون * (ضلوا عنا) * أي غابوا عن عيوننا فلا نراهم ولا نستشفع بهم، ثم قالوا * (بل لم نكن ندعوا من قبل شيئا) * أي تبين أنهم لو لم يكونوا شيئا، وما كنا نعبد بعبادتهم شيئا، كما تقول حسبت أن فلانا شيء، فإذا هو ليس بشيء إذا جربته فلم تجد عنده خيرا، ويجوز أيضا أن يقال إنهم كذبوا وأنكروا أنهم عبدوا غير الله، كما أخبر الله