والكتاب النفيس الذي أشار التوحيدي إليه، هو كتاب: " الجامع لعلم القرآن " وقد ذكره الرماني في إعجاز القرآن.
بدأ الرماني كتابه ببيان وجوه إعجاز القرآن، فقال: إنها تظهر من سبع جهات وهي: ترك المعارضة مع توفر الدواعي وشدة الحاجة، والتحدي للكافة والصرفة، والبلاغة، والاخبار الصادقة عن الأمور المستقبلة، ونقض العادة وقياسه بكل معجزة.
ثم قسم البلاغة إلى ثلاث طبقات، وقال: إن ما كان في أعلاها معجز، وهو بلاغة القرآن. ثم عرف البلاغة بأنها إيصال المعنى إلى القلب في أحسن صورة من اللفظ، وأعلاها طبقة في الحسن بلاغة القرآن. ثم قسم البلاغة إلى عشرة أقسام، وهي: الايجاز، والتشبيه، والاستعارة، والتلاؤم، والفواصل والتجانس والتصريف، والتضمين، والمبالغة، وحسن البيان.
ثم فسرها بابا بابا، على ترتيبها تفسيرا وافيا شافيا. فهو - مثلا - عند ما عرض لباب الاستعارة عرفها، وفرق بينها وبين التشبيه. ثم بين أركانها، وقال: إن كل استعارة حسنة توجب بلاغة بيان لا تنوب منابه الحقيقة، وذلك أنه لو كان يقوم مقامه كانت الحقيقة أولى به، ولم تجز الاستعارة. ثم ذكر ما جاء في القرآن من الاستعارة على جهة البلاغة، وبدأ بقول الله تعالى: (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا)، فقال: " حقيقة،، قدمنا،، هنا: عمدنا و " قدمنا " أبلغ منه لأنه يدل على أنه عاملهم معاملة القادم من سفر، لأنه من أجل إمهاله لهم كمعاملة الغائب عنهم، ثم قدم فرآهم على خلاف ما أمرهم. وفى هذا تحذير من الاغترار بالإمهال. والمعنى الذي يجمعهما العدل، لان العمد إلى إبطال الفاسد عدل، والقدوم أبلغ لما بينا " وجملة الآيات التي ذكرها في هذا الباب على ذلك النحو العظيم - أربع وأربعون آية.
وبعد أن فرغ الرماني من تفسير أبواب البلاغة العشر، عاد إلى البيان عن الوجوه السبعة التي ذكرها في أول الكتاب، وقال: إنها مظاهر إعجاز القرآن.