بحد أن يكون بيعه فاسدا أو شرطه باطلا! فهذا باب. ثم إنما يذكر الخيال بخفاء الأثر، ودقة المطلب، ولطف المسلك. وهذا الذي ذكره يضاد هذا الوجه، ويخالف ما وضع عليه أصل الباب. ولا يجوز أن يقدر مقدر أن البحتري قطع الكلام الأول، وابتدأ بذكر برق لمع من ناحية حبيبه من جهة بطن وجرة، لان هذا القطع إن كان فعله، كان خارجا به، عن النظم المحمود، ولم يكن مبدعا، ثم كان لا تكون فيه فائدة، لان كل برق شعل وتكرر وقع الاهتداء به في الظلام، وكان لا يكون بما نظمه مفيدا ولا متقدما. وهو على ما كان من مقصده، فهو ذو لفظ محمود، ومعنى مستجلب غير مقصود، ويعلم بمثله أنه طلب العبارات، وتعليق القول بالإشارات. وهذا من الشعر الحسن الذي يحلو لفظه، وتقل فوائده ".
ومن شواهد تجنى الباقلاني على البحتري قوله في ص 240: " وأما قوله:
ما الحسن عندك يا سعاد بمحسن * * فيما أتاه ولا الجمال بمجمل عذل المشوق وإن من سيما الهوى * * في حيث يجهله لجاج العذل قوله في البيت الأول: " عندك " حشو، وليس بواقع ولا بديع، وفيه كلفة، والمعنى الذي قصده، أنت تعلم أنه متكرر على لسان الشعراء. وفيه شئ آخر، لأنه يذكر أن حسنها لم يحسن في تهييج وجده. وتهييم قلبه، وضد هذا المعنى هو الذي يميل إليه أهل الهوى والحب. وبيت كشاجم أسلم من هذا وأبعد من الخلل، وهو قوله:
بحياة حسنك أحسني، وبحق من * * جعل الجمال عليك وقفا أجملي " ولست أرى رأى الباقلاني في أن كلمة " عندك " قد وقعت حشوا متكلفا، ليست بواقعة ولا بديعة، وإنما هي في هذا المقام قد وقعت موقعها الطبيعي البديع ولم يجتلبها التكلف حشوا لا يغنى غناءه في تأدية المعنى، وإنما هي أصيلة في أصل المعنى، ولا يؤدى معناها غيرها. ولست أشك كذلك في أن بيت البحتري أمثل من بيت كشاجم.
ويخيل إلى أن الباقلاني قد ضل عنه معنى بيت البحتري، إذ فهم أنه " يذكر