قوله، وأجمعوا على تضليله، وشنعوا عليه، وحذروا سلاطينهم من فتنته، ونهوا عوامهم عن الدنو إليه والاخذ عنه، فأقصته الملوك وشردته عن بلاده ". وكالحافظ الذهبي الذي قال عنه في سير أعلام النبلاء: " لم يتأدب مع الأئمة في الخطاب، بل فجج العبارة، وسب وجدع، فكان جزاؤه من جنس فعله، بحيث إنه أعرض عن تصانيفه جماعة من الأئمة وهجروها، ونفروا منها، وأحرقت في وقته " وإذا كان ذلك كذلك فيجب ألا يلتفت إنسان إلى قول ابن حزم في الباقلاني، ولا ينظر بعين الاعتبار إلى طعنه عليه، وتكفيره له.
(23) قال ابن خلدون: عبد الرحمن بن محمد (732 - 808) في مقدمته، في أثناء حديثه في فصل علم الكلام ص 465: ".. وكثر أتباع الشيخ أبى الحسن الأشعري، واقتفى طريقته من بعده تلاميذه، كابن مجاهد وغيره، وأخذ عنهم القاضي أبو بكر الباقلاني، فتصدر للإمامة في طريقتهم وهذبها، ووضع المقدمات العقلية التي تتوقف عليها الأدلة والانظار، وذلك مثل إثبات الجوهر الفرد والخلاء، وأن العرض لا يقوم بالعرض، وأنه لا يبقى زمانين، وأمثال ذلك مما تتوقف عليه أدلتهم، وجعل هذه القواعد تبعا للعقائد الإيمانية في وجوب اعتقادها، لتوقف تلك الأدلة عليها وأن بطلان الدليل يؤذن ببطلان المدلول. وحملت هذه الطريقة، وجاءت من أحسن الفنون النظرية والعلوم الدينية، إلا أن صور الأدلة تعتبر بها الأقيسة، ولم تكن حينئذ ظاهرة في الملة، ولو ظهر منها بعض الشئ، فلم يأخذ به المتكلمون، لملابستها للعلوم الفلسفية المباينة للعقائد الشرعية بالجملة، فكانت مهجورة عندهم لذلك. ثم جاء بعد القاضي أبى بكر الباقلاني إمام الحرمين أبو المعالي، فأملى في الطريقة كتاب الشامل، وأوسع القول فيه، ثم لخصه، في كتاب الارشاد، واتخذه الناس إماما لعقائدهم. ".
(24) قال ابن تيمية في كتاب " بغية المرتاد " ص 107 في معرض حديثه عن مصادر معارف أبى حامد الغزالي (450 - 505) وأستاذه أبى المعالي الجويني، إمام الحرمين (419 - 478) -: " وأبو حامد مادته الكلامية من كلام شيخه في " الارشاد " و " الشامل " ونحوهما، مضموما إلى ما تلقاه من القاضي أبى بكر