وقوله: قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي يقول تعالى ذكره: قال هذا الانسان الذي هداه الله لرشده، وعرف حق الله عليه فيما ألزمه من بر والديه رب أوزعني أن أشكر نعمتك يقول: أغرني بشكر نعمتك التي أنعمت علي في تعريفك إياي توحيدك وهدايتك لي للاقرار بذلك، والعمل بطاعتك وعلى والدي من قبلي، وغير ذلك من نعمك علينا، وألهمني ذلك. وأصله من وزعت الرجل على كذا: إذا دفعته عليه. وكان ابن زيد يقول في ذلك ما:
24187 - حدثني به يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
أوزعني أن أشكر نعمتك قال: اجعلني أشكر نعمتك، وهذا الذي قاله ابن زيد في قوله:
رب أوزعني وإن كان يؤول إليه معنى الكلمة، فليس بمعنى الايزاع على الصحة.
وقوله: وأن أعمل صالحا ترضاه يقول تعالى ذكره: أوزعني أن أعمل صالحا من الأعمال التي ترضاها، وذلك العمل بطاعته وطاعة رسوله (ص).
وقوله: وأصلح لي في ذريتي يقول: وأصلح لي أموري في ذريتي الذين وهبتهم، بأن تجعلهم هداة للايمان بك، واتباع مرضاتك، والعمل بطاعتك، فوصاه جل ثناؤه بالبر بالآباء والأمهات والبنين والبنات. وذكر أن هذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
وقوله: إني تبت إليك وإني من المسلمين يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل هذا الانسان: إني تبت إليك يقول: تبت من ذنوبي التي سلفت مني في سالف أيامي إليك وإني من المسلمين يقول: وإني من الخاضعين لك بالطاعة، المستسلمين لأمرك ونهيك، المنقادين لحكمك. القول في تأويل قوله تعالى:
* (أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون) *.
يقول تعالى ذكره: هؤلاء الذين هذه الصفة صفتهم، هم الذين يتقبل عنهم أحسن ما عملوا في الدنيا من صالحات الأعمال، فيجازيهم به، ويثيبهم عليه ويتجاوز عن سيئاتهم يقول: ويصفح لهم عن سيئات أعمالهم التي عملوها في الدنيا، فلا يعاقبهم