وقوله: حتى إذا بلغ أشده اختلف أهل التأويل في مبلغ حد ذلك من السنين، فقال بعضهم: هو ثلاث وثلاثون سنة. ذكر من قال ذلك:
24183 - حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن إدريس، قال: سمعت عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: أشده: ثلاث وثلاثون سنة، واستواؤه أربعون سنة، والعذر الذي أعذر الله فيه إلى ابن آدم ستون.
24184 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة حتى إذا بلغ أشده قال: ثلاثا وثلاثين.
وقال آخرون: هو بلوغ الحلم. ذكر من قال ذلك:
24185 - حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا مجالد، عن الشعبي، قال: الأشد: الحلم إذا كتبت له الحسنات، وكتبت عليه السيئات.
وقد بينا فيما مضى الأشد جمع شد، وأنه تناهي قوته واستوائه. وإذا كان ذلك كذلك، كان الثلاث والثلاثون به أشبه من الحلم، لان المرء لا يبلغ في حال حلمه كمال قواه، ونهاية شدته، فإن العرب إذا ذكرت مثل هذا من الكلام، فعطفت ببعض على بعض جعلت كلا الوقتين قريبا أحدهما من صاحبه، كما قال جل ثناؤه: إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه ولا تكاد تقول أنا أعلم أنك تقوم قريبا من ساعة من الليل وكله، ولا أخذت قليلا من مال أو كله، ولكن تقول: أخذت عامة مالي أو كله، فكذلك ذلك في قوله: حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة لا شك أن نسق الأربعين على الثلاث والثلاثين أحسن وأشبه، إذ كان يراد بذلك تقريب أحدهما من الآخر من النسق على الخمس عشرة أو الثمان عشرة.
وقوله: وبلغ أربعين سنة ذلك حين تكاملت حجة الله عليه، وسير عنه جهالة شبابه وعرف الواجب لله من الحق في بر والديه. كما:
24186 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة وبلغ أربعين سنة وقد مضى من سئ عمله.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة وبلغ أربعين سنة، قال رب أوزعني حتى بلغ من المسلمين وقد مضى من سئ عمله ما مضى.