وقوله: حملته أمه كرها ووضعته كرها يقول تعالى ذكره: ووصينا الانسان بوالديه إحسانا برا بهما، لما كان منهما إليه حملا ووليدا وناشئا، ثم وصف جل ثناؤه ما لديه من نعمة أمه، وما لاقت منه في حال حمله ووضعه، ونبهه على الواجب لها عليه من البر، واستحقاقها عليه من الكرامة وجميل الصحبة، فقال: حملته أمه يعني في بطنها كرها، يعني مشقة، ووضعته كرها يقول: وولدته كرها يعني مشقة. كما:
24180 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة حملته أمه كرها ووضعته كرها يقول: حملته مشقة، ووضعته مشقة.
24181 - حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة والحسن، في قوله: حملته أمه كرها ووضعته كرها قالا: حملته في مشقة، ووضعته في مشقة.
24182 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:
حملته أمه كرها قال: مشقة عليها.
واختلفت القراء في قراءة قوله: كرها فقرأته عامة قراء المدينة والبصرة كرها بفتح الكاف. وقرأته عامة قراء الكوفة كرها بضمها، وقد بينت اختلاف المختلفين في ذلك قبل إذا فتح وإذا ضم في سورة البقرة بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان، متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
وقوله: وحمله وفصاله ثلاثون شهرا يقول تعالى ذكره: وحمل أمه إياه جنينا في بطنها، وفصالها إياه من الرضاع، وفطمها إياه، شرب اللبن ثلاثون شهرا.
واختلفت القراء في قراءة قوله: وفصاله، فقرأ ذلك عامة قراء الأمصار غير الحسن البصري: وحمله وفصاله بمعنى: فاصلته أمه فصالا ومفاصلة. وذكر عن الحسن البصري أنه كان يقرأه: وحمله وفصله بفتح الفاء بغير ألف، بمعنى: وفصل أمه إياه.
والصواب من القول في ذلك عندنا، ما عليه قراء الأمصار، لاجماع الحجة من القراء عليه، وشذوذ ما خالفه.