بعدها أبدا، كأنما دهنوا بالدهان ويعمدون إلى الأخرى، فيشربون منها، فيذهب ما في بطونهم من قذى أو أذى، ثم يأتون باب الجنة فيستفتحون، فيفتح لهم، فتتلقاهم خزنة الجنة فيقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون قال: وتتلقاهم الولدان المخلدون، يطيفون بهم كما تطيف ولدان أهل الدنيا بالحميم إذا جاء من الغيبة، يقولون:
أبشر أعد الله لك كذا، وأعد لك كذا، فينطلق أحدهم إلى زوجته، فيبشرها به، فيقول: قدم فلان باسمه الذي كان يسمى به في الدنيا، وقال: فيستخفها الفرح حتى تقوم على أسكفة بابها، وتقول: أنت رأيته، أنت رأيته؟ قال: فيقول: نعم، قال: فيجئ حتى يأتي منزله، فإذا أصوله من جندل اللؤلؤ من بين أصفر وأحمر وأخضر، قال: فيدخل فإذا الأكواب موضوعة، والنمارق مصفوفة، والزرابي مبثوثة قال: ثم يدخل إلى زوجته من الحور العين، فلولا أن الله أعدها له لالتمع بصره من نورها وحسنها قال: فاتكأ عند ذلك ويقول: الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله قال: فتناديهم الملائكة: أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون.
23318 حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، قال: ذكر السدي نحوه أيضا، غير أنه قال: لهو أهدى إلى منزله في الجنة منه إلى منزله في الدنيا، ثم قرأ السدي:
ويدخلهم الجنة عرفها لهم.
واختلف أهل العربية في موضع جواب إذا التي في قوله حتى إذا جاؤوها فقال بعض نحويي البصرة: يقال إن قوله وقال لهم خزنتها في معنى: قال لهم، كأنه يلغي الواو، وقد جاء في الشعر شئ يشبه أن تكون الواو زائدة، كما قال الشاعر:
فإذا وذلك يا كبيشة لم يكن * إلا توهم حالم بخيال فيشبه أن يكون يريد: فإذا ذلك لم يكن. قال: وقال بعضهم: فأضمر الخبر، وإضمار الخبر أيضا أحسن في الآية، وإضمار الخبر في الكلام كثير. وقال آخر منهم: هو مكفوف عن خبره، قال: والعرب تفعل مثل هذا قال عبد مناف بن ربع في آخر قصيدة: